مرتزقة أم متطوعون أجانب في الحرب الروسية- الأوكرانية ؟

الدكتور أيمن سلامة –

 

الأول نيوز – لم يقتصر وطيس الحرب المشتعلة في أوكرانيا علي العدائيات العسكرية بين الدولتين المتحاربتين وحسب، ولكن امتد سعارها ليشمل المصطلحات المغلوطة التي تناولتها وسائط الاعلام،  المحسوبة علي كلا المتحاربين: روسيا الفيدرالية و أوكرانيا، وأضحي مصطلح ” المرتزقة ” المصطلح الأكثر إثارة في هذا الأتون المستعر.

لا جَرم أن القانون الدولي الإنساني – قانون النزاعات المسلحة – لم يترك شاردة أو واردة، وقام بسَبر كل الاغوار حتي لا يُثار جدل أو حوار حول التعريفات القاطعة لكل علاقات وحقوق وواجبات المقاتلين و غير المقاتلين أثناء النزاعات المسلحة.

تعرف وسائط الاعلام ” المرتزق” أنه المقاتل الأجنبي الذي تجنده أحد الدول أطراف النزاع المسلح الدولي، في معظم الحالات، مقابل أجر يفوق أجر منتسبيها من أفراد قواتها المسلحة، وبلا مرية فذاك التعريف لا يعدو الا أن يكون عين الاختصار المخل.

يُعد البروتوكول الأول لاتفاقيات جينيف الذي صدر في عام 1977 “جهيزة التي قطعت قول كل خطيب “، حيث تنص   المادة 47 من البروتوكول، علي: 

أولا: لا يحق للمرتزق أن يكون مقاتلاً أو أسير حرب.

ثانيا: المرتزق هو أي شخص:

أ. يتم تجنيده بشكل خاص محليًا أو في الخارج للقتال في نزاع مسلح؛

ب. يشارك، في الواقع، بشكل مباشر في الأعمال العدائية؛

ج. يكون الدافع للمشاركة في الأعمال العدائية أساسًا الرغبة في تحقيق مكاسب شخصية، وفي الواقع، يتم التعهد به، من قبل أو نيابة عن أحد أطراف النزاع، بتعويض مادي يزيد بشكل كبير عما تم التعهد به أو دفعه للمقاتلين من رتب مماثلة والمهام في القوات المسلحة لذلك الطرف؛

د. ليس من رعايا أحد أطراف النزاع ولا مقيما في إقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع؛

ه. ليس من أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع؛ ولم ترسله دولة ليست طرفًا في النزاع في مهمة رسمية كعضو في قواتها المسلحة.

لذلك وبدون اختصار مخل، من الضروري للدفع بصفة المرتزقة علي الأجانب الذين يقاتلون في النزاعات المسلحة توافر الشروط الواردة في المادة 47 من البروتوكول السالف بيانه و ضرورة أن تكون الشروط مجتمعة و متراكمة للزعم بصفة المرتزقة أو عملية الارتزاق غير المشروعة.

أما المتطوعون الأجانب الذين بَزغت أماراتهم في الحرب الكورية 1950-1953، وبعدها الحرب الأهلية الاسبانية 1936-1939التي شهدت الفيالق  الأجنبية المُنظمة الروسية وغيرها من دول أخري متعاطفة مع الجمهوريين ، وفي المقابل حاربت فيالق ” المحور فيما بعد ” مع الوطنيين بزعامة الجنرال فرانكو .

لكن في الحرب الكورية ناهز المتطوعون الصينيون قرابة ربع مليون مقاتل، وكانت البدعة فيما يتعلق بأولئك الصينيين كانت اشتراكهم في المفاوضات التي أفضت الي ابرام اتفاق الهدنة في السابع والعشرين من تموز 1953،و التي كان قائد فرق المتطوعين الشعبية الصينية أحد الموقعين علي ذلك الاتفاق التاريخي، وكانت هذه السابقة التاريخية الأولي في التاريخ الحديث التي يعترف فيها ب ” المتطوعين العقائديين ” رسميا كمتطوعين مشاركين في الحروب.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أقرت بأن القوات الصينية علي الرغم من صفتها الطوعية، كانت قوات نظامية تابعة لجمهورية الصين الشعبية.

ختاما، رغما من أن الاعتراف الأمريكي الرسمي بالوضعية القانونية للمتطوعين الأجانب في الحرب الكورية سبق ابرام البروتوكول الأول لاتفاقيات جينيف عام 1977، لكن لم يغفل الاعتراف الأمريكي عن حقائق قانونية ووقائع مادية جد مهمة في ثنايا التوصيف القانوني لمصطلح “المرتزق ” وهو التنظيم في صفوف القوات المسلحة للدولة المحاربة ، فضلا عن باعث العقيدة الأيديولوجية التي حفزت هؤلاء المقاتلون الأجانب و ليس المال من أجل الدفاع عن عقيدة معينة لديهم .

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

المرأة في الفنون: من جدران الكهوف إلى صالات العرض

الأول نيوز – د : مارغو حداد-   في يوم المرأة العالمي، لا نعيد صياغة …