أسامة الرنتيسي –
الأول نيوز – إصرار الحكومة على رفع أسعار مواد الوقود، وإعلان أكثر من وزير في الفترة الماضية بأننا بحاجة إلى أربع رفعات يخالف المنطق والواقع الذي يقول إن أسعار النفط في حالة هبوط غير مسبوقة، كما يخالف القراءة الموضوعية لحالة الشارع الأردني النفسانية.
كثيرون ينتظرون تدخلا حاسما من رأس الدولة، وسمعت شخصيا من مرجعية عليا، أن فكرة العودة عن قرار رفع الأسعار الأخير واردة، وأن الظروف العامة مهيأة لذلك.
النواب أيضا قالوا كلمتهم بالصوت العالي وطالبوا الحكومة بضرورة وقف قرار رفع الأسعار، وأن الموازنة التي هي الآن في عهدتهم لن تمر ما دامت الأسعار بهذه الارتفاعات والضغط على أوضاع المواطنين المعيشية التي وصلت إلى حالة يرثى لها.
الشارع قال أيضا كلمته، وعبر عن ذلك موقف أصحاب الشاحنات وإضرابهم عن العمل، كذلك أصحاب التاكسيات والتطبيقات وباقي العاملين في قطاع النقل.
الصناعيون يشكون من رفع الأسعار ويطالبون بضرورة إعادة النظر في القرار ويحذرون من القرار وانعكاساته على حياة المواطنين المعيشية.
حالة الناس في الشارع الأردني النفسانية تحتاج إلى الرجوع عن قرار الرفع حتى تتحسن قليلا، ويأملون أن يصل التخفيض إلى مستويات تتناسب مع الرفع الذي حصل عندما كانت أسعار النفط عالميا في العلالي، فمثلما تحملوا تكلفة الرفع يريدون جني ثمار التخفيض العالمي، لكن طريقة التفكير الحكومية يفسرها مواطنون على أن الحكومة لا تريد أن تُشعر المواطن الذي يقف مع الدولة في لحظة الأزمات، أن الدولة لا تقف معه في لحظات الرخاء، وهذا استنتاج خطير له أبعاده التي لا تخفى على صُنّاع القرار، ومُستَطلِعي آراء الشارع الأردني ورضاه عن الأوضاع العامة.
يعرف الرئيس جيدا أن من غير المحبذ ان تتكاثر القوى التي تعارض سياساته وتوجهاته وقراراته، وهو لا يستطيع مواجهة غضب النواب والأعيان، وتحالف الصناعيين ضده، وعدم رضا عناصر من حلقة صناعة القرار على التوجهات الأخيرة للحكومة في رفع الأسعار.
في الأقل؛ فإن عصب الدولة الرئيسي، مشروع قانون الموازنة بين أيدي النواب، وإذا أصروا على محاكمة الحكومة على مشروع الموازنة وقرروا رده، فإن هذا أكبر تصويت على حجب الثقة عنها، وقد تدخل البلاد في سيناريو جديد لن تكون التعديلات الوزارية كافية لمعالجة آثاره، بل من الممكن أن نذهب إلى التغيير الوزاري الذي يشير أكثر من مطّلع إلى انه أصبح استحقاقا بعد الانتهاء من مشروع قانون الموازنة.
العناد لا يصنع سياسة، والإصرار على القرار ليس دائما جزءا من هيبة الدولة، لأن التراجع عن الخطأ فضيلة، والتراجع عن قرار غير مرضي عنه شعبيا يصب في النهاية في المصلحة العامة، والرئيس من الذكاء السياسي بحيث يلتقط هذه الناحية ويسير إليها، ولا ينتظر مصيرا مشابها لما حصل مع حكومة الدكتور هاني الملقي.
الدايم الله….