الأول نيوز – في تطور جديد ومثير للجدل، كشف مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات الجارية لقناة “الميادين” عن مقترح أميركي جديد قدم إلى الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. هذا المقترح، حسب المصدر، يتناقض تماماً مع الورقة التي وافق عليها الطرفان سابقاً، مما يثير تساؤلات حول نوايا واشنطن ومدى تأثيرها على مستقبل الصراع في غزة.
المقترح الجديد، والذي يبدو أنه مبني على ورقة أيار/مايو الماضي، يستجيب بشكل واضح للشروط والمطالب الإسرائيلية الجديدة، مما يجعله منحازاً بوضوح لمواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. يبدو أن المقترح يتماهى مع الموقف الإسرائيلي إلى حد بعيد، حيث يطرح حلولاً تعزز السيطرة الإسرائيلية وتستجيب لمطالبها الأكثر تطرفاً.
من أبرز النقاط المثيرة للجدل في هذا المقترح، أنه لا يشمل وقفاً دائماً لإطلاق النار، بل يناقش ذلك كجزء من المرحلة الثانية من الاتفاق وفي سقف زمني محدد. هذا التوجه يضع مزيداً من الضغوط على المقاومة الفلسطينية، حيث يؤكد المقترح أنه “ما لم توافق حماس على المطالب الإسرائيلية، يعود الاحتلال إلى الحرب في المرحلة الثانية”. هذا التهديد المباشر يعكس رغبة إسرائيل في فرض شروطها بالقوة، مع دعم أميركي واضح.
كما أن المقترح لا يشمل انسحاباً إسرائيلياً شاملاً من قطاع غزة، بل يضمن استمرار الاحتلال في مناطق استراتيجية هامة، مثل ممر “فيلادلفيا” مع تقليص التواجد العسكري الإسرائيلي، بالإضافة إلى استمرار احتلال مفترق “نتساريم”، مما يسمح لإسرائيل بمراقبة حركة الناس والتحكم فيها. هذه الإجراءات تشير إلى نية إسرائيل في الحفاظ على سيطرتها الأمنية على القطاع حتى بعد التوصل إلى أي اتفاق.
وفيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين، يشمل المقترح الأميركي ضمان “حق إسرائيل” في رفض إطلاق سراح عدد لا يقل عن 100 أسير فلسطيني، بالإضافة إلى إبعاد عدد كبير من الأسرى المفرج عنهم إلى خارج فلسطين. هذه الشروط تعتبر ضربة قاسية لآمال الأسرى وعائلاتهم، وتشكل عائقاً كبيراً أمام التوصل إلى اتفاق نهائي.
أحد البنود الأكثر استفزازاً في هذا المقترح هو اشتراط إغاثة غزة وتقديم المساعدات بموافقة حماس على جميع البنود الواردة فيه. هذا الشرط يجعل من المساعدات الإنسانية رهينة لموافقة الطرف الفلسطيني على المطالب الإسرائيلية، مما يفاقم من معاناة المدنيين في القطاع.
وأخيراً، يؤجل المقترح الأميركي المفاوضات على إعادة إعمار غزة ورفع الحصار إلى ما بعد نتائج المرحلة الأولى من الاتفاق. هذا التأجيل يثير مخاوف جدية حول نوايا إسرائيل والولايات المتحدة في استغلال هذا الوضع لمزيد من الابتزاز السياسي.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن المقترح الأميركي الجديد لا يلبي الحد الأدنى من تطلعات المقاومة الفلسطينية، بل على العكس، يسعى لتكريس الهيمنة الإسرائيلية على قطاع غزة. المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، تنظر إلى هذا المقترح باعتباره امتداداً للسياسات الإسرائيلية الرامية إلى فرض الأمر الواقع بقوة السلاح وتحت غطاء دبلوماسي أميركي. من المتوقع أن ترفض حماس هذا المقترح في صورته الحالية، وتواصل مطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار عن غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين دون شروط مسبقة. (الهدف)