الأول نيوز – أيمن سلامة
في ظل التصعيد المستمر في غزة، طرح زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، مقترحًا يقضي بأن تتولى مصر الوصاية على القطاع كجزء من حل طويل الأمد للصراع. لكن هل هذا المقترح قانوني وعملي؟ وهل يمكن للأمم المتحدة إصدار قرار يمنح مصر مثل هذه الوصاية؟
الإطار القانوني للوصاية الدولية
الوصاية كنظام قانوني دولي استُخدمت سابقًا لإدارة أقاليم غير مستقلة بعد الحرب العالمية الثانية، وفقًا للفصل الثاني عشر من ميثاق الأمم المتحدة. ومع ذلك، لم يتم تطبيق هذا النظام منذ عقود، حيث إن آخر إقليم تحت الوصاية (جزر بالاو) حصل على استقلاله عام 1994، لذا فإن إحياء نظام الوصاية يتطلب قرارًا من مجلس الأمن، وهو أمر غير مرجح سياسيًا نظرًا لتعقيد الوضع الفلسطيني والاعتراضات المتوقعة من عدة أطراف.
التاريخ القانوني لوضع غزة
مرت غزة بعدة مراحل من التبعية القانونية :
– الفترة العثمانية (حتى 1917):كانت غزة جزءًا من الدولة العثمانية.
– الانتداب البريطاني (1917-1948): وُضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني بموجب تفويض من عصبة الأمم.
– الإدارة المصرية (1948-1967): بعد حرب 1948، تولت مصر إدارة غزة دون ضمها رسميًا، وظلت تحت السيادة الفلسطينية وفق القانون الدولي.
– الاحتلال الإسرائيلي (1967 – حتى الآن): بعد حرب 1967، احتلت إسرائيل غزة، وأصبحت خاضعة لاتفاقيات جنيف المتعلقة بالأراضي المحتلة، رغم انسحابها عام 2005، إلا أنها لا تزال تتحكم في حدود القطاع وأجوائه ومياهه الإقليمية.
مدى قانونية المقترح
يواجه مقترح لابيد تحديات قانونية وعملية عدة:
- 1. حق الفلسطينيين في تقرير المصير: أي وصاية تحتاج إلى موافقة الفلسطينيين، وهو ما يتعارض مع رغبتهم في إقامة دولة مستقلة.
- 2. السيادة المصرية: مصر نفسها لن تقبل دور الوصي على غزة، خاصة أنه قد يعيد سيناريو ما قبل 1967، وهو ما قد يخلق أزمات سياسية وأمنية داخلية.
- 3. موقف الأمم المتحدة: من غير المرجح أن تدعم الأمم المتحدة وصاية مصر على غزة، إذ تعترف بالقطاع كجزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، وترى أن الحل يجب أن يكون عبر مفاوضات تؤدي إلى دولة فلسطينية مستقلة.
مقترح الوصاية المصرية على غزة يفتقر إلى الأساس القانوني والدعم السياسي، وهو غير عملي نظرًا للحق الفلسطيني في تقرير المصير، والموقف المصري الرافض لأي دور إداري في غزة، إضافة إلى استحالة تمريره في الأمم المتحدة. بالتالي، يبقى هذا المقترح مجرد طرح سياسي غير قابل للتطبيق على أرض الواقع.