عيد الفصح في الأردن … نفحة قدسية ووَحدة وطنية

الأول نيوز – محمد قاسم عابورة

من قلب الشرق ونبضه ، من الأردن حيث تتنفس الأرض تاريخًا مقدسًا ، يطلّ عيد الفصح المجيد حاملًا أنوار القيامة ، وعبق التاريخ القدسي  ، وفرحًا سماويًا ،  فهو ليس مجرد ذكرى لقيامة السيد المسيح من بين الأموات ، بل احتفال بالانتصار الأبدي للحياة على الموت ، وفي الأردن ، الأرض التي احتضنت خطى الأنبياء وصلوات القديسين ، يكتسب العيد بهاءً خاصًا ، إذ تختلط فيه قدسية الطقوس الدينية بأصالة التراث ، وتتلاقى قلوب المؤمنين على اختلاف مذاهبهم في لوحة فسيفسائية نابضة بالإيمان والمحبة.

تعود احتفالات عيد الفصح في الأردن إلى فجر المسيحية ، حيث شهدت هذه الأرض المباركة أحداثًا كتبت فصولًا من الإيمان في سفر البشرية ، فمن المعمودية في المغطس، حيث نزلت بركة السماء على ماء الأردن ، إلى جبل نيبو الذي ارتقى إليه موسى عليه السلام ، وصولًا إلى مادبا بفسيفسائها الخالدة التي رسمت خريطة القدس كأنها بوابة السماء ، جميعها شواهد حية على عراقة الإيمان في هذه الربوع ،  وأصبحت هذه المواقع مقصدًا للحجاج من كل حدبٍ وصوب ، خاصة في أيام الفصح ، حيث تتحول الصلوات إلى أناشيد تملأ الأجواء ، والقلوب إلى شموع تضيء الدروب  وتبدد الظلام .

يوم الفصح المجيد هو يوم الفرح الذي لا يعرف الحدود ، فبعد قداديس الفجر التي تعلن “المسيح قام”، تتبارك الألسن بتهليلات “حقًا قام”، وتتزين الموائد بأطباق العيد التقليدية ، وتتعطر البيوت بعبق كعك الفصح المعجون بالمحبة ، وتزدان الموائد بما لذّ من أطباق العيد  وحلوياته ،  و لا يقتصر الاحتفال على المسيحيين وحدهم، بل هو عيد وطني وشعبي يشارك فيه الأردنيون جميعًا، مسيحيين ومسلمين، في تجسيد حيّ لمعاني التآخي والتلاحم المجتمعي.

وفي ظل عالم تسوده الصراعات والإنقسامات ، يبقى الأردن واحةً للوحدة والعيش المشترك ، حيث تتعانق مآذن المساجد مع أجراس الكنائس تحت سماء الوطن  الواحد، وفي ظل الراية الواحدة ، فالفصح هنا ليس مناسبة دينية فحسب ، بل هو احتفال بالحياة ، وتعبير عن إرث حضاري يجمع الأردنيين ، كل الأردنيين على قيم التسامح والمحبة ،  وهو أيضًا رسالة إلى العالم بأن التعددية في الأردن تزهر جمالًا، وأن الاختلاف يعزز الوحدة و يثريها كما تثري ألوان الفسيفساء جمالية اللوحةً الواحدة .

في الأردن، نُعيد الحياة في كل عيد  ، ونؤمن أن النور أقوى من الظلمة ، وأن الإنسان أقوى من الموت ، وأن هذا الوطن سيبقى دوما منارة مضيئة للسلام والوئام والأمل ، فيا أيها العيد ، عُدْ إلينا كل عام ، لتذكرنا دوما بأن الأردن ” كما القيامة ” دائمًا ينهض من بين التحديات ، شامخًا كجباله ، ثابتًا كإيمان أبنائه به .

 

 

 

عن Alaa

شاهد أيضاً

نحو خطاب يعزز الوحدة الوطنية ويحقق الأمن الوطني

الأول نيوز – جمال الخطيب –   في الوقت الذي أعلنت فيها الدولة الأردنية عن …