لبنان العنيد يستقبل عنيداً ويودع عنيد

حاتم استانبولي –

 

الأول نيوز – لبنان شهد هذين اليومين استقبالاً ووداعاً لِمناضلين لا يشبه كل منهما أحداً ويجمعهما صفة الوضوح والمباشرة والفكرة العنيدة كل في موقعه.

لبنان استقبل مناضلاً استثنائياً وودع مناضلاً فناناً استثنائياً أسس لِمدرسة فنية وثقافية واعية. واعية لكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى واعية في كلماتها ومواقفها وموسيقاها ومسرحها الذي جمع على مسرحه كل الشخصيات التي يصادفها الإنسان ويسمع كلماتها العفوية المباشرة ولحن لوالدته ألحاناً وقفت ونادت: يا جبل الشيخ ،بعتلك، سلملي عليه، وأنا عندي حنين. وتصدح: ضاق خلقي لتركب البوسطة مع زياد لتقول له عندي ثقة فيك، وترتل: حبو بعضكم. 

زياد يشبه في عفويته و كلماته وموسيقاه وسلوكه الإنسان البسيط الملتزم بحارته وجيرانه وعائلته وأصدقائه لا ينتظر أي مكافأة أو مدح او شهرة فهو من يعطي الشهرة والتقييم في مجاله واختصاصه وهو الحكم والمعيار لجودة الفن المرتبط بهموم الناس العاديين لكل هذا لم يكن يقبل أن يكون ضيفاً في أو على شاشات وصفحات أو مهرجانات الابتذال ولم يسعَ للثراء رغم كل العروض التي كانت تقدم له سراً وعلناً مباشرة وبشكل غير مباشر. فنان ملتزم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

بكل بساطة لأنه كان إنساناً محترماً يحترم موسيقاه ومسرحه وكلماته وفنه ويحترم جمهوره المعتر البسيط المتنوع والمختلف الألوان. 

كل فناناً ملحناً ناقداً كاتباً سياسياً ملتزماً إنساناً يحمل في داخله كل جروح وآلام المضطهدين المعَتَرين عبر عنها في قوة كلمته البسيطة الملحنة بنغمات الشوارع والحارات والأزقة والممرات الضيقة للمخيمات والسهول ودروب البراري التي كانت تحمل صوته وصوت أمه إلى الجنوب  في رحلة مع مقاتلي الحرية في طرقاتهم.

زياد كتب ولحن ومَثَلَ للجميع بكل أطيافهم وألوانهم، زياد كان وضوحِهِ يعمي وكلمته طلقة يسمع دويها في  ظلام كل الصالونات والسفارات ويقلق مضاجعهم.

ألحانَهُ كانت تتراقص كطفلة تحملها الريح على بساط خشبة مسرحه ليمر عبر كل مظلوم منهوك من ضغط الحياة واحتياجاتها ليشرح حاله ويعطيه أملا في المستقبل.

زياد وجد في زمن غير زمانه وفي مكان غير مكانه لكنه استطاع أن يطوع المكان عبر الزمان ليؤسس لِمدرسة فنية ثقافية استثنائية.

وداعاً زياد رحباني الفنان الصادق العنيد. (بوابة الهدف)

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

الأردن… وفاءٌ لا ينقطع لغزة

الاول نيوز – وليد الجلاد – في خضمّ الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها قطاع غزة …