معاهدة كامب ديفيد أخرجت مصر من التاريخ

صلاح أبو هنّود – مخرج وكاتب

في الشرق الأوسط، هناك حقائق لا تسقط بالتقادم:
من يحتل فلسطين لا يمكن أن يبقى فيها طويلًا إذا لم يُحيّد مصر، أو يُمسك بقرارها.
وهذه الحقيقة فهِمها الاحتلال الصهيوني مبكرًا، بل كانت أساسًا لكل حروبه وتسوياته.

كامب ديفيد: تحييد مصر لا سلام معها

لم تكن معاهدة كامب ديفيد سلامًا بين متخاصمين، بل صفقة لتحييد القوة الوحيدة القادرة على قلب الطاولة.
فقد خرجت مصر، منذ توقيعها عام 1978، من خريطة الفعل العربي، ودخلت في حالة “دولة مؤجلة”، تنتظر دورًا لا يُمنح، ولا تطلبه.

كانت القاهرة، قبل الاتفاق، تُشعل المواقف وتوازن الردع وتلعب دور الفاعل السياسي الكبير.
لكن بعد كامب ديفيد، صار دورها أقرب إلى “ساعي بريد” بين غزة وتل أبيب، أو وسيط صامت في قمم لا تصنع التاريخ.

في غزة… كانت تستطيع أن توقف الحرب

في كل عدوان على غزة، لم تكن مصر قادرة على إيقاف القصف، ولا على حماية المدنيين، بل اكتفت بدور الوسيط.
بينما كانت تستطيع — لو بقيت على عهدها القومي — أن تهدد، أن توقف، أن تفرض، أو حتى أن تقول “لا”.
لكن مصر الموقعة على كامب ديفيد باتت تحسب خطواتها بناءً على أمن إسرائيل، لا كرامة الأمة.

سلام القيد لا يصنع احترامًا

استعادت مصر سيناء… نعم. لكن أي سيادة تلك على أرض منزوعة السلاح؟
وأي هيبة في وطنٍ لا يملك قراره؟
لم تربح الأمة من كامب ديفيد شيئًا، بل خسرت مصر دورها، وخسرت فلسطين عمقها، وخسر العرب ميزانهم.

الانهيار بدأ من هنا

مذ خرجت مصر من المعركة، تتابع سقوط الحصون العربية واحدًا تلو الآخر.
انفرد الاحتلال بفلسطين، ثم اجتاح بيروت، وتبِعَت ذلك أوسلو، والدوحة، وأبراهام.
التحالفات انهارت، والكرامة تآكلت، والعروبة ضاعت في صفقات القرن.

بعد خروج مصر، بدأ الانهيار العربي الذي لم يتوقف حتى الآن.
وصارت إسرائيل تصول وتجول، وترسم خرائط الأمة على مقاس احتلالها، وتفرض إيقاعها على حاضرنا ومستقبلنا.
ولا أحد ملأ الفراغ الذي خلّفته مصر…

ولهذا:

ندعو مصر إلى العودة لمكانتها التي لم يستطع أحد أن يملأها.
لا عودة الحرب، بل عودة الدور…
عودة القرار…
عودة الصوت العربي الذي إن نطق، خشي الخصم واطمأن الحليف

عن Alaa

شاهد أيضاً

جرش 2025: المجد يتجدد برعاية هاشمية… وأيمن سماوي يقوده إلى قمة الإبداع

الأول نيوز – طلال السُكر العدوان في مدينةٍ عانقت الشمس منذ آلاف السنين، وعلى أرضٍ …