الدكتور مالك صوان – الأول نيوز –
إخفاقُ التيارِ الديمقراطيّ في الأردن لا يعودُ إلى رؤيتهِ أو أفكاره، بل إلى آليةِ تطبيقِ هذه الأفكار والرؤى وتسويقها بين الناس، وبسبب أولئكَ الأشخاص الذين يتبنونَ هذه الأفكار ويدَّعون بأنهم حماتها، بينما في الحقيقة، معظمهم ليسوا ديمقراطيينَ حقيقيين، ويستخدمونَ هذه التسميةَ لكسبِ تعاطف الناس، مِن أجل تحقيقِ مصالحهم الشخصية.
حالةٌ مِن التفاؤلِ والنشوةِ والأمل تعتري نفسَ كلّ مَن يقرأ ميثاقَ أيّ حزبٍ ديمقراطيّ مِن غير الحزبيينَ، أو مِن أولئك الذين لا يملكون أيّ ميولٍ أو هوسٍ سياسي، كونهم يجدونَ في النصوصِ المكتوبةِ وعودًا وأفكارًا رائعة تأخذهم فوقَ السُحب، ولكن، عند الانخراطِ في العملِ الحزبي، يصطدمونَ بواقعٍ مغايرٍ تمامًا، فالصراعات الداخليةِ، والقيادات غير الديمقراطيةِ، تخلقُ عندهم صدمةً ضاربةً تثنيهم عن إكمالِ تجربتهم.
لذلك، نشأَ مؤخرًا ما سُمِّيَ باليسار الجديد، الذي كانَ مِن ضمن أهدافه؛ تغييرُ الانطباعِ السلبيِّ عند العامة عن العمل الحزبيِّ بشكلٍ عام وعن اليسارِ بشكلٍ خاص، وتلبيةُ آمالِ وطموحات الجماهير، لكن للأسفْ، لم يكن على قدرٍ كافٍ من التجديدِ والتغييرِ والإتيان بشيءٍ من الحداثةِ والتطوير عن اليسار القديم -التوأم غير المقبول- ليتمكنَ مِن إقناعِ الناس بأنَّ الحياةَ ستكون معهُ أفضلَ بشتى مناحيها، ولمْ يستطعْ تلبية المتطلبات الأساسيةِ البسيطة للناس، والسببُ يعود إلى أنَّ غالبيةَ القائمين عليهِ هم من اليسارِ القديم؛ الذين عاشوا واقعًا مرحليًا فريدًا مختلفًا لا يستطيعونَ التنازلَ عنهُ أو حتى تقبلَ واقعٍ آخر مختلف، ولا يزالونَ يعيشونَ على أطلالِ الماضي، وهم الذين آمنوا بشعاراتٍ ناريةٍ رنانة، هدفها تعبئةَ الناسِ فقط، ومِن الصعبِ تطبيقها على أرض الواقع، ومع ذلكَ واظبوا على استخدامها، لاستنهاض مشاعر الدهماء.
وإنْ أردنا الوقوفَ على أسبابِ إخفاق تجربةِ التيارِ الديمقراطيِّ في الأردن، علينا مقارنتها بتلكَ النماذجِ التي نجحت في دولٍ كثيرة والتي تشبهها في الأدواتِ والإمكاناتِ والقيمِ والمعتقدات، أما أنْ نقارنها بتلكَ النماذجِ الديمقراطيَّة الناجحةِ في دولٍ مثل : المملكةِ المتحدة والولاياتِ المتحدة، فهذا غير منطقيٍّ، فكل شيءٍ مختلف.
بالمحصلة، إذا أردتمْ إنتاجَ تيارٍ ديمقراطيٍّ حقيقيٍّ في الأردن، عليكمْ ما يلي :
1. تنحية الطبقةِ البرجوازيةِ عن هذا المشروعِ تمامًا.
2. البحث عن الشخصياتِ المثقفةِ الواعدة، التي تؤمنُ بالديمقراطيةِ قولًا وفعلًا.
3. إقصاء أيّ شخصيةٍ انتهازيةٍ مستنصبة.
4.إقصاء أي شخصية عليها أيّ شبهة فساد.
5.تبني أفكارَ التيارِ الديمقراطي القابلةِ للتطبيق في الأردن.
6.المصداقية مع الجماهيرِ والوعد بما هو ممكن.
بهذه الطريقةِ فقط يمكنُ بناء تيارٍ ديمقراطيٍّ حقيقيٍّ يمثلُ تطلعاتِ الشعبِ الأردني.