الغرب بين أوهام التفوق وديون الحضارة… خطاب الاستهزاء الأمريكي

صلاح ابو هنود – مخرج وكاتب –

 

الأول نيوز – حين يخرج مسؤول أميركي ليعلن أن “الشرق الأوسط ليس سوى قرى وقبائل”، فإنه لا يكشف جهلًا بالتاريخ فحسب، بل يعيد إنتاج خطاب استعماري قديم كان يبرر السيطرة على شعوب المنطقة وطمس هويتها.

هذا التصريح ليس زلة لسان، بل تعبير عن رؤية مترسخة في العقل الغربي، رؤية تنكر أن هذه الأرض أنجبت بغداد ودمشق والقاهرة وقرطبة وفاس، وأنها أضاءت العالم بعلومها وفنونها وفلسفاتها.

الغرب وظلمه للشرق ولذاته

الغرب، في سعيه المحموم لتكريس صورة متفوقة عن ذاته، وقع في خطأ تاريخي مزدوج: ظلم الشرق، وظلم نفسه. فقد تبنّى مقولات زائفة عن التخلف الشرقي، متناسيًا أن علوم الشرق هي التي أنقذته من غياهب الجهل، يوم نهل من خزائن قرطبة وبغداد ودمشق والقاهرة، ويوم ترجمت علوم العرب إلى اللاتينية لتغدو أساس النهضة الأوروبية.

العلماء العرب منارة الحضارة

لقد تجاهل الغرب عمدًا أن أسماء مثل:

ابن سينا في الطب

الخوارزمي في الرياضيات

ابن الهيثم في البصريات

الفارابي في الفلسفة

الزهراوي في الجراحة

كانت منارة لكل جامعاته الناشئة. بل إن الجامعات الأوروبية في العصور الوسطى لم تكتفِ بترجمة تلك المؤلفات، بل اعتمدت عليها كمنهج تدريسي لقرون. ولولا هذه النهضة العلمية العربية الإسلامية، لبقي الغرب غارقًا في بحر الظلام والجهالة حتى اليوم.

تشويه صورة العرب والحتمية التاريخية

ومع ذلك، اختار الغرب أن يُسدل ستارًا كثيفًا على الحقيقة، ويعيد صياغة التاريخ بما يخدم صورته المنتفخة. أصر على تصوير العرب كأمة متأخرة، متناسياً أن العرب لم يكونوا مجرد ناقلين للعلم، بل مبدعين ومؤسسين لأسس البحث العلمي والتجربة والملاحظة.

أما العرب، فصورتهم لن تبقى مشوهة، ولن يظلوا أسرى حملات التزييف. ستنهض أمتهم كما ينهض الفجر من أحضان الليل، شاهدة على قرون من التضليل، وواعية بقدرتها على إعادة التوازن لمسار الحضارة الإنسانية.

الخاتمة: النور يعود إلى أصله

وسيأتي يومٌ، لا ريب فيه،

ينكسر فيه الصنم الغربي الذي عبد نفسه،

وتنكشف فيه الأقنعة التي لبسها قرونًا،

ويُقال بصوت واحد:

لقد كان الغرب تلميذًا… وكان الشرق معلمًا.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

الشعوبُ الواعية أساس الرقيِّ والتحضُّر

الدكتور مالك صوان –   الأول نيوز – كلما سافرتُ إلى دولةٍ وتعرفتُ على حضارتها، …