أبطال غزة الحقيقيون: الملك والرئيس السيسي

المحامي د. أحمد الطهاروه – الأول نيوز –

في اعتراف غير مسبوق، نشرت صحيفة هآرتس العبرية الموالية للحكومة الإسرائيلية مؤخرًا تقريرًا وصفت فيه الملك عبدالله الثاني بن الحسين بأنه أكثر زعيمٍ أوجع إسرائيل في حرب غزة الأخيرة، وذلك بفضل قدرته الفائقة على مخاطبة الرأي العام العالمي بحجةٍ قويةٍ ومنطقٍ مؤثر، جعلاه المتحدث الفعلي باسم العرب والمسلمين في المحافل الدولية. الصحيفة أقرّت بأن خطاب الملك عبدالله، القائم على المنطق الأخلاقي والإنساني، نجح في كسر الرواية الإسرائيلية المضللة وإعادة تعريف الحرب أمام الضمير العالمي، لتصبح قضية غزة قضية عدالة إنسانية لا نزاعًا سياسيًا فحسب.
لم تتوقف البطولة عند حدود الخطاب السياسي، بل تجسدت في القرار السيادي الشجاع لكل من الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، برفض فتح الحدود أمام محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. هذا القرار كان بمنزلة السدّ العربي المنيع الذي حال دون تنفيذ أخطر مخططات الاحتلال الصهيوني في القرن الحادي والعشرين، والمتمثل في “تفريغ غزة والضفة من سكانهما” تحت ذريعة الحرب.
فلو فُتحت الحدود، كما يوضح المراقبون، لما بقي فلسطيني واحد في غزة خلال الأسبوع الأول من المعركة، ولانتهت القضية إلى مأساة تهجير جديدة تُشبه نكبة عام 1948. لكنّ القيادة الأردنية والمصرية، بتنسيقٍ دقيقٍ وحكمةٍ عميقة، أفشلت هذا المخطط وأثبتت أن الإرادة السياسية الواعية يمكن أن تحمي الشعوب دون إطلاق رصاصة واحدة.
بطولة أهل غزة التي يشهد بها العالم اليوم لم تُصنع في فراغ، بل صاغتها أيدٍ أردنية ومصرية اتخذت موقفًا حاسمًا منع سقوط غزة في فخّ التهجير الجماعي. لقد امتزج صمود الغزيين تحت النار مع صلابة القرار في عمّان والقاهرة، ليولد شكل جديد من البطولة العربية المشتركة التي تجمع بين التضحية الميدانية والحكمة السياسية.
هذه الحقيقة قد لا يصرّح بها كثيرون، لكنها تظل واقعًا سياسيًا واضحًا لا يمكن تجاهله: أن صمود غزة هو ثمرة موقف عربي أصيل يقوده الملك عبدالله الثاني والرئيس السيسي، اللذان حملا على عاتقهما مسؤولية الدفاع عن الوجود الفلسطيني في وجه مشروع الإبادة والتصفية.
يبدو أن البعض يتجاهل عمدًا أو عن غير قصد الدور المركزي للأردن ومصر في هذه المرحلة الحرجة، ربما لأن الاعتراف به يعني الاعتراف بأن الأمة ما زال فيها زعماء يملكون الرؤية والإرادة. لكن التاريخ لا يرحم، وهو يسجل اليوم أن الملك عبدالله الثاني والرئيس السيسي وقفا في الصف الأمامي لحماية الشعب الفلسطيني، ليس بالشعارات، بل بالمواقف الفعلية التي غيّرت مجرى الأحداث.
أبطال غزة الحقيقيون، كما تصفهم الوقائع لا الشعارات، ليسوا فقط أولئك الذين يقاتلون في الأزقة وتحت الأنقاض، بل أيضًا أولئك الذين قاتلوا على منابر السياسة والدبلوماسية لحماية كرامة الأمة ومنع تكرار نكبتها.
لقد أثبت الملك عبدالله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي أن الزعامة الحقيقية تُقاس بصلابة الموقف لا بعدد الجيوش، وأن العقل العربي عندما يلتزم بالحق يمكنه أن يغيّر مسار التاريخ.
وهكذا، كتبت عمّان والقاهرة فصلاً جديدًا من فصول البطولة العربية، عنوانه:
“الصمود لا يُولد من النار وحدها، بل من القرار الشجاع حين يكون في زمن الخوف.”

عن Alaa

شاهد أيضاً

ملحمة غزة… الإلياذة الجديدة

صلاح ابو هنود – مخرج وكاتب –   الأول نيوز- الإلياذة هي ملحمة الشعر الإغريقي …