الأردن بعد حرب غزة: آن أوان التنمية

الدكتور أحمد الطهاروة – الأول نيوز –

 

بعد عامٍين من حربٍ مأساوية في غزة، أثبت الأردن مجددًا أنه ركيزة الاستقرار في الإقليم، وأنه الأكثر التزامًا بمبادئ العدالة والإنسانية، والأكثر صمودًا في وجه العواصف السياسية والاقتصادية. لكن مرحلة ما بعد الحرب تفرض علينا إعادة توجيه البوصلة نحو الداخل، نحو التنمية الشاملة التي تعزز المناعة الوطنية وتحصّن القرار السيادي.

لقد صمد الأردن في وجه تحديات متلاحقة، لكنه لا يستطيع أن يكتفي بالصمود وحده. المطلوب اليوم هو تحويل الصمود إلى نهضة، عبر مشروع وطني تنموي متكامل يضع الإنسان في مركز الاهتمام.

أولًا، علينا الاستثمار في الإنسان الأردني، من خلال إصلاح التعليم وربطه بسوق العمل، وتوسيع برامج التدريب المهني والتقني، وتشجيع ريادة الأعمال والابتكار، حتى يصبح شبابنا منتجين لا منتظرين للوظيفة.

ثانيًا، تنويع مصادر الاقتصاد الوطني بات ضرورة وجودية. فالأردن يملك إمكانات هائلة في الطاقة المتجددة، والسياحة العلاجية والدينية، والصناعات الدوائية والغذائية، ويمكن تحويلها إلى محركات للنمو إذا ما توافرت الرؤية والإدارة.

ثالثًا، لا تنمية حقيقية دون عدالة في توزيع الفرص والمشاريع بين العاصمة والمحافظات. الأطراف هي قلب الوطن، وفيها طاقات شبابية تحتاج فقط إلى دعم وتمويل لتمارس دورها في التنمية المحلية.

وأخيرًا، لا يمكن لأي مشروع تنموي أن ينجح دون بيئة من الثقة ودولة القانون. فالإصلاح الإداري، والشفافية، ومكافحة الفساد، هي الأساس لأي نهضة اقتصادية أو اجتماعية.

لقد آن الأوان أن ننتقل من مرحلة إدارة الأزمات إلى صناعة المستقبل، ومن عقلية التكيّف إلى روح المبادرة. فالأردن الذي صمد سياسيًا قادر أن ينهض اقتصاديًا، إذا ما التقت الإرادة الشعبية مع الرؤية الرسمية في مشروع وطني واحد عنوانه: “التنمية بعد الصمود.”

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

الفوسفات… حين تتحوّل الأرقام إلى قصيدة نجاح

الأول نيوز – د. عبدالمهدي القطامين ثمة أرقام تمرّ في سجلات الاقتصاد مرور السحاب، وأخرى …