د. شهاب المكاحله
سيجتمع قادة إيران وتركيا وروسيا – الدول الضامنة لخفض التوتر في سوريا، في مؤتمر سوتشي في 22 نوفمبر والذي يتصادف مع انعقاد مؤتمر الرياض للمعارضة السورية في نفس اليوم. وتسعى موسكو لتوحيد وجهات النظر بين قادة الدول الثلاث وتنسيق مواقفهم السياسية تجاه التسوية للقضية السورية فيما تسعى المملكة العربية السعودية لتوحيد المعارضة السورية من أجل الذهاب إلى المؤتمر وفق قاعدة شعبية أكبر لأنه من المزمع انعقاد مؤتمر الحوار الوطني السوري أو ما يسمى بـ “مؤتمر الحوار الوطني السوري” في 2 ديسمبر من الناحية المبدئية عقب انعقاد مؤتمر جنيف في 27-28 من الشهر الجاري لوضع الصيغة النهائية للدستور السوري والانتقال السياسي دون التطرق لمستقبل الرئيس السوري بشار الأسد بعدما باتت الكثير من الدول العربية والأجنبية ترحب به رئيساً إذا ما انتخبه الشعب السوري وفق انتخابات عادلة ونزيهة.
فقد بدأت وزارة الدفاع الروسية اتصالات لدعوة نحو ألف شخص من ممثلي اتفاق “خفض التصعيد” و”المصالحات” وقوى سياسية ومجتمع مدني إلى سوتشي لحضور المؤتمر المقرر عقده في 2 ديسمبر إذ أبدت موسكو عزمها تخصيص طائرات لنقلهم إلى “مؤتمر الحوار الوطني”. إن توقيت الجهود الدولية مهم لفهم الوضع حول سوريا الآن. ففي بداية الشهر، وبعد محادثات أستانا التي حضرها ممثلون سعوديون لأول مرة، زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طهران وباكو لإجراء محادثات مع الزعماء الإيرانيين والأذربيجانيين، حيث كانت القضية السورية على طاولة المباحثات أيضا.
وفي الفترة من 22 – 24 تشرين الثاني / نوفمبر، سيعقد اجتماع المعارضة السورية في الرياض، تحت شعار: “منصة الرياض”، حيث بدأت المملكة العربية السعودية بإرسال دعوات لحضور ممثلي المعارضة السورية لتوحيدها تحت مظلة واحدة. وفي الوقت نفسه، ستناقش روسيا وإيران وتركيا مستقبل سوريا وعملية السلام، ومنها استراتيجية سيناريوهات مختلفة قد تلجأ إليها الدول الثلاث إذا ما فشلت محادثات جنيف. لذلك فإن الاجتماع المقبل لرؤساء تركيا وروسيا وايران في 22 نوفمبر في سوتشي سيتطرق إلى التطورات الاخيرة في سوريا ومنطقة الشرق الاوسط.
ويعد هذا الاجتماع في غاية الأهمية بالنسبة للروس لأنه يأتي في وقت تتصاعد فيه التهديدات الأميركية لكل من إيران وتركيا وروسيا في وقت بات حزب الله اللبناني على أهبة الاستعداد لأي هجوم محتمل ضده كما أن أنقرة باتت تهدد بالانسحاب من حلف الناتو وأنها على استعداد لشن هجمات على القوات الكردية التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا، كما أن إيران تواجه الولايات المتحدة التي تحاول مراجعة الاتفاق النووي وإطالة العقوبات المفروضة على طهران، ناهيك بدعوات واشنطن لفرض المزيد من العقوبات على روسيا لتلاعبها بالانتخابات الرئاسية الأميركية. وهنا بات مؤتمر سوتشي أكثر من تجمع ثلاثي بل هو مؤتمر لإعلان تحالف ضد الولايات المتحدة الأميركية لمواجهة سياستها في الشرق الاوسط.
بعد أن نجح الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في التوصل إلى اتفاق نسبي بشأن سوريا على هامش قمة آسيا والمحيط الهادئ في فيتنام في وقت سابق من هذا الشهر وافقت موسكو وواشنطن على مواصلة التنسيق الفعلي لمحاربة داعش، كما أكد الزعيمان أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية بل هناك حل سياسي وأن هناك حاجة إلى إصلاح دستوري وإجراء انتخابات نزيهة حرة تحت إشراف الأمم المتحدة، بمشاركة جميع السوريين. ولكن من الواضح أن مثل هذه الاتفاقات مطلوبة لتجنب التصعيد في الشرق الأوسط لأن هذا التوقيت خطير جداً.
ويتعين النظر الى القمة الثلاثية فى سوتشى بشكل خاص لأن الرئيس بوتين يرغب فى رسم مواقف موحدة معنظيريه الرئيسين رجب طيب اردوغان وحسن روحاني، لإعلان انتهاء الحرب في سوريا. ويبدو أن بوتين بات أكثر ثقة بأنه انتصر في الحرب في سوريا وأنه هو من يحدد الحكومة الانتقالية ومرحلة ما بعد الدستور وفق شروطه بما يتوافق مع مصالح حليفيه أنقرة وطهران.
وبحسب وثيقة أعدها الروس لـ”مؤتمر الحوار الوطني السوري”، فسيتم دعوة ممثلي “الجماعات العرقية والدينية والمؤسسات التقليدية” من “المسلمين من السنة والعلويين والشيعة والدروز والإسماعيليين، والمسيحيين من الأرثوذكس والسيريان والكاثوليك، والأكراد والتركمان والآشوريين والأرمن والقبائل ناهيك بالقوى السياسية والمعارضة الخارجية ومجموعات منها القاهرة واستانه وموسكو والرياض وجمعية الهلال الأحمر السوري من أجل “تسهيل الإصلاحات السياسية، وتسهيل إطلاق العملية السياسية بما يتفق مع الطموحات المشروعة للشعب السوري، لإجراء انتخابات ديمقراطية بمشاركة جميع السوريين وفق الدستور الجديد وتحت إشراف الأمم المتحدة، وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
وينص قرار مجلس الأمن الدولي 2254 على “محاربة الإرهاب والحاجة إلى صياغة قانون جديد، وإجراء انتخابات عادلة ونزيهة على أساسها بمشاركة جميع السوريين، وتشكيل اللجنة الدستورية والمجلس الأعلى للمؤتمر”.
ويتبع مؤتمر جنيف مؤتمر الشعب السوري الذي تتولى وزارة الدفاع الروسية تنظيمه بالتوازي مع مبادرات وزارة الخارجية. ويرى البعض أن هذه المبادرة محاولة لإطلاق حوار للمصالحة لا غنى عنه للمضي قدما في الحوار السياسي والعملية السياسية في فترة ما بعد الحرب، وكذلك للتسهيل على الدول الثلاث: إيران وتركيا وروسيا التحدث مع المعارضة وإلى والحكومة في آن معاً.فهل يتوصل السوريون إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبيل نهاية هذا الشهر يمتد إلى كافة أنحاء سوريا؟ وهل سنشهد سلاماً يعيد الأمل والبناء في القريب العاجل؟ وهل سيعود اللاجئون السوريون من الأردن ولبنان وتركيا وغيرها من الدول إلى سوريا؟
الوسومالأول نيوز سوريا شهاب المكاحله
شاهد أيضاً
“أطباء بلا حدود”: إسرائيل تواصل استخدام المساعدات كسلاح حرب ضد غزة
الأول نيوز – قالت منسقة مشروع منظمة أطباء بلا حدود في غزة كارولين ويلمِن، إن …