الدكتور ذوقان عبيدات –
قد يذكر المواطنون أنّني أول من دعا إلى أنشاء مركز وطني للمناهج وقدمت مبرراتي بسيطرة ثقافة حزبية أحادية عشعشت في وزارة التربية والتعليم فترة طويلة وما تزال.
وفي نيسان 2017 تم إنشاء هذا المركز، وبعد شهور, وولادات متعسرة برز المجلس التنفيذي، الذي باشر عمله قبل شهر، وحقق إنجازات مهمة تمثلت بِـ
- وضع إطار عام للمناهج. مبنى على النتاجات الأساسية المطلوبة من الطالب المواطن. حيث بُني هذا الإطار ليخلف مناهج 2005، وبذا تكون الفترة معقولة لتطوير المناهج بعد ثلاث عشرة سنة.
وما يهمني في هذا الصدد، أن أوضح بعض النقاط:
- كان من الواضح أن الإطار قد بُني على أساس علمي ومن خبراء لهم صلة مباشرة بالمناهج. فجاء الإطار شاملاً سليماً، مرتبطا بفلسفة التربية كما وردت بقانون التربية والتعليم رقم 3 لعام 94
- خضع الإطار العام -وهذا هو المهم- إلى تقييم علمي من عدد من الخبراء المعروفين في مجال التربية والتعليم وعلى ما يبدو كان تقيمهم إيجابياً.
- كان العمل وطنياً أو شبه وطني فلم يُقصَ أي شخص أو اتجاه، كما لم يراع فيه التمثيل الشكلي المؤسسي بل اعتمد على أفراد بحكم خبرتهم، الأمر الذي يعكس ثقة المسؤولين بأنفسهم وعملهم: د. بدران، د. رزاز، ومحمود مساد، د. ربى بطانية المديرة التنفيذية للمجلس.
(1)
ملاحظات أساسية: الوزارة أيضاً
إن نشؤ المركز الوطني للمناهج، والمجلس التنفيذي لا يعني الاستغناء عن خبراء وزارة التربية والتعليم. ففي وزارة التربية والتعليم- مديرية المناهج- أفضل الخبراء في الأردن – وربما الخبراء الوحيدين في بناء مناهج بأسلوب علمي. وما كان ينقص هؤلاء هو التوجيه، أو تعرضهم لتوجيهات مقولبة، حيث – بحدود ما عرفت- كانوا يمنعون من إغناء المناهج والكتب المدرسية بأنشطة تعليم التفكير.
ولذلك، فإن عمليات بناء المناهج، تتطلب الاستعانة بخبرة فنيي مديرية المناهج، وإشراكهم ليس في سير العملية بل إعطائهم الدور القيادي فيها.
(2)
خطوط أساسية
إن بناء مناهج وكتب مدرسية جديدة، يتطلب الاعتماد على المعايير المعروفة في بناء المناهج وهي الاستجابة لحاجات الأفراد والمجتمع، المحلية والعالمية. ولكن هناك شروطاً يجدر مراعاتها:
- كتب مدرسية رشيقة جداً، لا تحوي سوى المفاهيم والمبادئ الأساسية، ولا تثقل عملية التعلم بجهد ووقت ثبت أنه لا جدوى منه.
- كتب مدرسية تراعي الأوضاع المحلية والتي سادتها ثقافة التطرف والعنف وانتهاك المواطنة وحقوق الإنسان.
- كتب مدرسية لا تضع المشكلات الرئيسة بعناوين ووحدات مستقلة. فمشكلات مثل المرور والأسرة والمواطنة والمرأة لا تحتاج فصولاً ووحدات، بل توزيع لمفاهيمها عبر المواد الدراسية وعبر جميع الصفوف.
- الثقة الكاملة بأن المواد الدراسية ليست لها قيمة ذاتية بحد ذاتها.
فالمهارات والاتجاهات قد تبنى عبر أية مادة دراسية. فمادة مثل الرياضة مثلاً، يمكن أن تنمي مهارات الدقة والتفكير العلمي والإبداع والمواطنة، والموضوعية والتفكير المتباعد، وحساب المترتبات، والتخطيط، وإدارة الوقت. وهذا ما يمكن الحصول عليه من خلال التربية الدينية أو الفيزياء. فالمواد لا تختلف إلا في مفاهيم معرفية, وحتى المعرفة فهي ليست سوى أداة لبناء المهارات والاتجاهات.
- إن الكتب أو المواد الدراسية ليست منفصلة عن بعضها، ويمكن أن يحتوي أي كتاب في اللغة العربية مثلا، أو الجغرافيا على أنشطة تتطلب تضافر المواد الدراسية جميعها، فمشكلة المياه مثلاً هي فيزياء ودين ورياضيات وتطرف وحروب وحقوق المرأة والأجيال….. الخ
مرة أخرى نأمل من المجلس التنفيذي والمركز الوطني للمناهج أن يتحفنا بأعمال جديدة كالخطة الدراسية مثلاً وهي الخطوة الأولى بعد بناء الإطار.