السبت , سبتمبر 21 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

رفعت الاقلام وجفت الصحف..مستقبل الوصاية!

د. شهاب المكاحله – واشنطن-

إن المتابع للموقف السياسي والاعلامي الاردني يرى ان الحيرة تنتاب الموقف الاردني الذي لا يحسد عليه اليوم بعد اعلان مستشار الرئيس الاميركي جاريد كوشنر يوم 14 مايو 2018 من القدس أن اسرائيل هي الوصية على القدس وما فيها من مقدسات، ضاربا بعرض الحائط كل الوعود التي قطعتها الادارة الاميركية للاردن بأن الوصاية على القدس ستبقى للاردن دون غيره.

إن ما جادت به قريحة كوشنير يعد استفزازا للأردن واستهتارا بكل التضحيات التي بذلها الشعب الاردني من أجل المحافظة على المقدسات سواء أكانت اسلامية ام مسيحية في المدينة المقدسة. فقد بدا الأمر واضحا من كلمته التي القاها في افتتاح السفارة الامريكية في القدس، متناسيا الاعراف الدولية والقوانين المتلعقة بالقدس، ما دفع الاردن للذهاب ابعد من واشنطن الى الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين من خلال اعلان مشاركة رسمية اردنية على اعلى مستوى في القمة الإسلامية الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي التي تستضيفها اسطنبول يوم الجمعة 18 مايو 2018.

ومن المتوقع ان يشارك جلالة الملك عبدالله الثاني في القمة الى جانب أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح حيث خصصت القمة لمناقشة ابعاد التطورات الاخيرة في القدس والتصريحات الاميركية المتعلقة بها ونزع هويتها الاسلامية والمسيحية واسباغها على اسرائيل. كما ستناقش القمة التطورات الاخيرة على الساحة الفلسطينية وتداعياتها على المنطقة وعملية السلام.

من جهة التحليل السياسي يبدو المشهد الاردني اليوم في حالة بلبلة درامية رغم كل محاولاته التي قام بها لانقاذ عروبة واسلامية القدس نظرا لأنه هذه المرة كان ضحية مؤامرة كبيرة اقليميا ودوليا.  ما جرى للقدس ما كان ليجري لو كان الاردن قويا اقتصاديا. والصحيح أنه ما كان سُحب البساط من تحت اقدام الاردن في القدس لو كان الاردن أحسن لعب الاوراق التي بحوزته سياسيا ضد من تآمروا عليه بعد وعد بتجديد الوصاية الهاشمية على القدس والمقدسات. 

تُرك الشعب الاردني والفلسطيني وحده ليقاوم قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب وخلفه الماكينة الاعلامية الدولية فهل تقاوم كف مخرزا!؟

بعد قرون على الوصاية، كان تصريح كوشنير علامة فارقة في التاريخ الاردني لأنه أنهى هوية القدس دون مراعاة لمصالح الاردن واعتباراته الاقليمية وهواجسه الداخلية والخارجية.

 فعلا، رُفعت الاقلام وجفت الصحف. هذا ما يمكن به وصفما قام به كوشنير في ملف القدس ونقل التفويض دون اذن من المفوَض الى طرف ثالث ودون تقديم الاعتذار من الطرف الاول ما يعد استهتارا واستفزازا.
يبدو أن الغدر سمة البعض.  ونحن في الاردن نعامل الاخرين بطيب وحسن نية ليس على المستوى الشعبي فقط بل على المستوى السياسي. فزماننا هذا اليوم لا مجال فيه للمجاملات السياسية ورد الاعتبار كان يمكن القيام به بسهولة بتأخير عودة السفير الاسرائيلي الى عمان بانتظار ما ستسفر عنه عملية نقل السفارة الاميركية الى القدس وتصريحات المسوؤلين الاميركيين والاسرائيليين تجاه الوصاية الهاشمية عليها.
واشنطن بحاجة للاردن أكثر من حاجة الاردن للولايات المتحدة رغم كل من يعلن من أن الاردن ضعيف وغير ذلك. صحيح أن الاردن يتلقى مساعدات اميركية كل عام ولكن تلك المساعدات ليست بالمجان. فهل تبقى للأردن من بعد نقل السفارة الاميركية الى القدس دور؟ وهل يمكن أن يتراجع كوشنير عن تصريحاته المستفزة؟ نعم ، يمكن ذلك ولكن بشرط واحد أن يكون في السلطة الفلسطينية من يدعم التوجه الاردني وسياسته تجاه القدس والمقدسات وأن يلعب الاردن الورقة الاقليمية وهي ورقة التوت للجميع لكشف المخطط منذ عام 1967 الى اليوم مرورا بالمؤامرة ضد العراق، والحرب ضد الارهاب، واللبيب من الاشارة يفهم.
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

صدمات انتخابية

أسامة الرنتيسي –   الأول نيوز – بالله عليكم ما حد يزعل، وخذوا الانتقاد بروح …