نعمة الابتلاء

د.إسراء الجيوسي
 
يقف الإنسان حائرًا بين العقل والضمير، فإذا حل  البلاء به وجب عليه الدعاء والرجاء، وإذا أكرمه الله عزّ وجلّ بالرخاء وجب عليه الشكر والحمد والثناء.
ومِن السّنن الكونية وقوع البلاء على المخلوقين اختبارًا لهم، وتمحيصًا من ذنوبهم، وتمييز الصادق  من الكاذب، قال الله تعالى: ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، و قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط”، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.”
وأكثر الناس إيمانًا أشدّهم ابتلاءً، قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم:  ” أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والبلاء يكون  في الأهل أو في المال أو فى الولد، أو فى الدين،  وأعظمه ما يُبتلى العبد في دينه. 
وعلى الإنسان أن يكون على يقين أن هذا البلاء مكتوب عليه، ولا بد من وقوعه،  وعليه أن يتعايش  مع أي ظرف مهما كان،  حتى لو كان  الابتلاء بإعاقة في النفس أو الولد أو الأخ،  فبذلك يعظم الصبر، ومع الصبر  يخفف الدعاء والرجاء على العبد, وليعلم المبتلى أنه ليس الشخص الوحيد المبتلى، ومن  اطلع على مصيبة غيره هانت في نظره مصيبته.
فهذا حكم الله وقدره على العباد عامة، لا على شخص من دون سواه. ومن هنا يُختبر الإنسان بقوة إيمانه وصبره على قضاء الله وقدره،  ويقينه  بأنه لا ينفع إلا الله ولا يمحو الضر إلّا هو.
فالله عليم وسع علمه كل شئ  في السماء والأرض وما بينهما، وهو وحده القادر على أن يخفف أو يزيل  الابتلاء، وعلى العبد ألّا ييأس من رحمة الله التي وسعت كل شئ ،  وأن يقوم بواجبه تُجاه الأشخاص ذوي الاعاقة،  فلا يحرمهم حقًا لهم، ولا يستهزئ بهم وبقدراتهم، ومن الواجب علينا رعايتهم وحمايتهم ومساواتهم بغيرهم،  وتسهيل كل ما يمكن لهم،  حتى يكونوا أشخاصًا منتجين فاعلين في المجتمع،  وهذا واجب على كل إنسان لديه إيمان وضمير، لا كرمًا منّا أو شفقةً أو إحسانًا، إنما هذا تحقيقٌ لما أمرنا الله عز وجل به في كتابه الحكيم؛  قال تعالى:  “وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ” (الذاريات : الآية 19)، وقد شدد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  على رعاية الفئات جميعهم بحيث لا تطغى فئة على فئة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لن يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ودمتم طيبين
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

هيئة بحرية: سفينة قبالة المخا اليمنية تبلغ عن هجومين وأضرار طفيفة

الأول نيوز – قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، السبت، إنها تلقت تقريرا عن هجومين …