مشاريع فاشلة قبل ولادتها…على ماذا يبتسم عباس؟

أسامة الرنتيسي
 
الابتسامة غير المفهومة التي استقبَلَ بها الرئيس الفلسطيني افتتاح البازار الأميركي، في زمن ترامب من جديد أمام الفلسطينيين مشروعات مكررة للمرة الألف من دون تحقيق نتائج على الأرض.
 والعرض الجديد الذي قدمه جيسون غرينبلات مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون المفاوضات الدولية، على الرئيس عباس، يتلخّص بتجميد بناء مستوطنات جديدة مقابل العودة إلى طاولة المفاوضات.
هذه التسريبة الأولى للخطة الأميركية الجديدة تُذكّرنا بالتسريبات التي انشغل بها وزير الخارجية السابق جون كيري طوال الفترة الماضية، وزياراته الـ 20 إلى المنطقة، والقراءات السياسية الناضجة  كلها تقول إن مشروع غرينبلات لا يختلف عن مشروعات كيري،بل هو فاشل قبل ولادته.
لأنه باختصار شديد، مشروع أميركي قديم جديد، أساسه الأمن لإسرائيل وإدامته، ولا توجد فيه أية نظرة إلى الحقوق الفلسطينية، أو ما تبقى منها بعد أن تنازل الفلسطينيون عن 78 % من أراضيهم، كرمال “عيون المفاوضات”، ومع هذا لا تزال العقلية الإسرائيلية المتعنتة تطمح إلى مزيد من التنازلات، عن باقي الأرض الفلسطينية، والأحلام أيضًا.
مشروع غرينبلات وادعاءات كيري السابقة يرتكزان على قاعدة عودة العملية التفاوضية، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من دون شروط مسبقة.  لكن الواقع يُظهر أوّلًا أن الاميركان قد حاولوا منذ اللحظة الأولى فرض شروطهم على الفلسطينيين، بألّا يتوجهوا إلى الأمم المتحدة، لتفعيل عضوية دولة فلسطين في المنظمة الدولية، وإيقاف الهجوم الدبلوماسي الذي يعمل على عزل إسرائيل، ونزع الشرعية عن الاحتلال وممارساته، واللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية ومحكمة لاهاي. وهذا ما سيفعله الرئيس ترامب ومستشاره غرينبلات.
والثاني؛ الضغط على الفلسطينيين بألّا يطالبوا بوقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية، ما يُعطي حكومة المتطرف نتنياهو فرصة أخرى لتفتيت المناطق الفلسطينية، ويجعل الدولة المنتظرة غير قابلة للحياة، ومقطوعة الأوصال من الأرض والبحر والجو.
في المقابل المخطط الإسرائيلي واضح،  ومثلما استمع إليه جون كيري سابقًا فقد استمع إليه غرينبلات،الذي يتلخّص  بمحاضرات كثيرة وإملاءات وشروط إسرائيلية، عليه أن ينقلها برضوخ واضح إلى الجانب الفلسطيني، أبرزها؛ أن يتخلوا طواعية عن حق العودة، وأن هذا الاتفاق مُلزم للأجيال الفلسطينية القادمة جميعها، وعلى الفلسطينيين أن يجدوا حلًا لقضيتهم في الدول العربية المُضيفة، وأن يعترفوا بيهودية إسرائيل، وهو شرط مرتبط بسابقه.
شروط نتنياهو وحدها خَطّت شهادة الإعدام للمشروع الأميركي الجديد القديم، لكن نتنياهو ووراءه الأميركان، يخططون لإدامة المفاوضات أطول فترة زمنية ممكنة، تُوفّر لنتنياهو الوقت الكافي لإنجاز مشروعه الاستيطاني في الضفة.
لكن ما طُرح مُؤخرًا بأن نتنياهو يطمح لإقامة الدولة الواحدة، التي تضمّ عربًا ويهودًا معًا، يتجاوز فيه حَلّ الدولتين وقيام دولة فلسطينية، حتى لو كانت مشتتة، إلى جانب دولة إسرائيل لمصلحة حل إقليمي عربي إسرائيلي، يكون الفلسطينيون طرفًا فيه، هو بالمناسبة حَلٌ  اقترحته القيادة الإسرائيلية في مؤتمر هرتسيليا السنوي الذي انعقد قبل عامين، ودعت فيه إلى حلّ متعدد الأطراف يكون الأردنيون والمصريون (بشكل رئيس) أطرافًا فيه، بحيث يُبتّ بوضع الضفة مع الأردن (بما في ذلك مصير القدس ومقدساتها باعتبار أن عمّان هي المعنِية، حسب التفويض الفلسطيني، بالإشراف على المقدسات الفلسطينية فيها) ويُبتّ وضع قطاع غزة مع القاهرة.
مقابل هذا الواقع المرير، على ماذا يبتسم عباس للمشاريع الأميركية القديمة الجديدة، سوى حصوله على “الجرين كارد” من جديد.
الدايم الله…
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

5 شهداء في جنين والاحتلال يوسع اقتحاماته بالضفة الغربية

الأول نيوز – أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن استشهاد 5 فلسطينيين في محافظة جنين شمالي …