الأول – إعداد القسم الثقافي بوكالة الأنباء السعودية (واس)-
يعد سوق عكاظ من أشهر أسواق العرب في الجاهلية وكانت القبائل تجتمع فيه شهراً كل سنة، يتناشدون الشعر ويفاخر بعضهم بعضاً، واستثماراً لدروس الماضي واستشرافاً للمستقبل تبنت إمارة منطقة مكة المكرمة إبان تعيين سمو الأمير خالد الفيصل أميراً لها، فكرة إحياء هذا السوق ليكون أحد مخرجات الاستراتيجية التنموية للمنطقة، بعد انقطاع دام أكثر من 13 قرناً من الزمن، إيماناً بالقيمة الثقافية الريادية وما يمكن أن يمثله السوق للحركة الثقافية والأدبية السعودية والعربية.
وتأتي أهمية السوق الذي حدد مكانه على مسافة حوالي 40 كيلومترا شمال شرق مدينة الطائف على طريق الرياض السريع بمنطقة يقال لها العرفاء، كونه ملتقى شعرياً وفنياً وتاريخياً فريداً من نوعه، يقصده المثقفون والمهتمون بشؤون الأدب والثقافة، وكان الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – يرحمه الله – أول من اهتم بتعيين وتحديد مكان السوق عندما كلف الدكتور عبدالوهاب عزام – يرحمه الله – بزيارة المنطقة والتحقق من الموقع وآثاره الباقية، كما كان لسمو الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز – يرحمه الله – جهوداً في الدعوة إلى إحياء السوق، الى أن تم افتتاحه في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – يرحمه الله – عام 1428 هـ، وافتتحه نيابة عنه سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة. وانطلقت أول دورة للسوق عام 2007، حيث أصبحت جوائزه منافسة على مستوى الوطن العربي، وتغطي مساحة واسعة من الإبداع الفني ابتداء من الشعر مروراً بالفن التشكيلي والخط العربي وانتهاء بالفلكلور، وهي اليوم موضع عناية واهتمام من المثقفين بل أصبحت واحدة من أهم آمال وطموحات المبدعين في مختلف الأقطار العربية. وتتكون مدينة سوق عكاظ الحديثة من جادة تمتد على مسافة كيلو متر تحيطها الخدمات والحدائق لخدمة زوار السوق من كل الاتجاهات، وعلى جوانب الجادة أكثر من 200 معرض متنوع ومتخصص بمشاركة جهات حكومية وخاصة، و160 جناحاً تتضمن مشاركة الحرفيين والحرفيات والأسر المنتجة، ومعرض لمصنع كسوة الكعبة، والمعهد المهني، ومعرض للقوات المسلحة، إضافة إلى معرض شركة تراثنا للمسؤولية الاجتماعية وعدد من المزارعين المشاركين في أنشطة جادة سوق عكاظ لعرض وتسويق منتجاتهم المتنوعة. وفي نهاية الجادة خيمة سوق عكاظ الرئيسة وهي عبارة عن مسرح ضخم مدرج يتسع لأكثر من 3000 شخص مجهز بأحدث التقنيات والخدمات، انطلق منه حفل افتتاح الدورة العاشرة لسوق عكاظ تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في السادس من ذي القعدة عام 1437هـ، وشارك في فعالياته أكثر من 3 آلاف مشارك ومشاركة من داخل المملكة ومختلف الدول العربية.
وشرعت هيئة السياحة والتراث الوطني بمتابعة وإشراف سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، في تطوير عناصر جادة سوق عكاظ التي تمثل العنصر الرئيس في برامج وأنشطة السوق، حيث تشهد سنوياً تنظيم سلسلة من المعارض المتخصصة، للتعريف بمساهمات الوزارات والهيئات والقطاعات الحكومية المشاركة في مجالات الثقافة والعلوم والمعرفة، والتواصل مع الجمهور الراغب في التعرف على طبيعة أعمال تلك الجهات وإنجازاتها. وتشتمل فعاليات جادة سوق عكاظ على عروض ثقافية وتاريخية وعروض للشعر العربي في المسارح المفتوحة وعروض للخيل والإبل على طول الجادة، وعروض الرياضات التراثية، وعروض الحرف والصناعات اليدوية، وعروض الأسر المنتجة، وعروض المقتنيات الأثرية والتراثية، وأسواق المأكولات الشعبية، وعروض مسرحية، وعروض منتجات العسل ومنتجات الورد الطائفي، وتم إنشاء خيمتين في الجهة الشمالية من موقع السوق تكفلت بإنشائها وزارة التعليم بتكلفة مالية تقدر بأكثر من 40 مليون ريال، لتكون رافدًا مهما للخيمة الكبرى على مساحة 2572 مترًا مربعاً، ومسرحاً للأنشطة الثقافية والأمسيات والندوات والمناسبات الكبرى.
ووثقت 20 مؤسسة ثقافية وتعليمية وتنموية تعنى بالثقافة والتاريخ والعلوم في موقع واحد، أحدث المعلومات والفنون التي تقدمها بهوية السوق، وركزت معظمها على رؤية المملكة 2030، ومن هذه المؤسسات وزارات الصحة والتعليم والثقافة والإعلام والاذاعة والتلفزيون، ووكالة الأنباء السعودية،، وغيرها من المؤسسات الحكومية والخاصة التي تعنى بالثقافة.
وتنوعت معارض المؤسسات المشاركة بين ركن خاص لتسجيل المتبرعين بالخلايا الجذعية وآخر للخط العربي والتصوير لوزارة التعليم، ومعرض مسابقة لوحة وقصيدة وآخر للكتاب الإلكتروني ومعرض يوثق لتطور الإذاعة والتلفزيون، إضافة الى معرض لوكالة الانباء السعودية وآخر للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، ومعرض أمانة العاصمة المقدسة يعكس الجانب التراثي المعماري ويبرز التاريخ المكي والحياة المكية كونها عاصمة الحضارات والثقافات على مر العصور، واحتوى على مجلس نسائي وآخر رجالي ومراكز مصممة بطابع تراثي، بالإضافة إلى لوحة لستارة الكعبة وفوانيس وقناديل من خشب ومقتنيات أثرية من مختلف القرون، كما شاركت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في مهرجان السوق بجناح ضم معرضًا مصورًا عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال مراحل معينة من مسيرة حياته، بالإضافة إلى مكتبة الطفل التي تخصص معرضًا متكاملاً هو قطار القراءة ومسرح الطفل. وتغطي جوائز سوق عكاظ عشرة مجالات هي جائزة شاعر شباب عكاظ مخصصة للشعراء الشباب وقيمتها 100 ألف ريال، وجائزة لوحة وقصيدة وقيمتها 100 ألف ريال حدد لها 3 مراكز، وجائزة التصوير الضوئي مفتوحة للمصورين من داخل المملكة وخارجها وللجنسين، وجائزتها 100 ألف ريال على 3 مراكز أيضا، فيما جاءت جائزة الخط العربي مفتوحة للخطاطين من داخل المملكة وخارجها وقيمتها 100 ألف ريال على 3 مراكز وجائزة رائد أعمال عكاظ تهتم بريادة الأعمال في تأسيس شركات ناشئة عبر حلول إبداعية وقيمتها 200 ألف ريال، كما استحدثت جائزة مبتكر عكاظ وتستهدف المبتكرين في المملكة الذين نجحوا في تحويل أفكارهم الإبداعية والابتكارية إلى منتجات أو خدمات وقيمتها 100 ألف ريال، وجائزة الرواية وقيمتها 100 ألف ريال، أما جائزة الحرف اليدوية فهدفها التعريف بالحرفيين وبمنتجاتهم اليدوية والاهتمام بهم وقيمتها 500 ألف ريال توزع بآلية خاصة عبر عدة مراكز، كذلك جائزة الفلكلور الشعبي والخاصة بمحافظات منطقة مكة المكرمة وقيمتها 100 ألف ريال على 3 مراكز، وأخيراً جائزة شاعر عكاظ والتي تهـدف إلى الاعتناء بالشعر العربي الفصيح وتقدير الشاعر العربي المتميّز، وهي حق لكل شاعر من شعراء العربيَّة له إنتاج منشور، ومقدارها 300 ألف ريال. — (بترا)
ف