باص صويلح يدق ناقوس الخطر.. وخطاب "ممدوح" قبل أن نصطدم بالحيط

أسامة الرنتيسي- مهما كانت المبررات والاعذار والخلفيات والاسبقيات لقيام سائق باص باحراق حافلته في الشارع العام وأمام أنظار المواطنين وفي مدينة بحجم صويلح، فانها حدث كبير يدق ناقوس الخطر، وليس من العقلانية بشىء ان نكتفي ببيان الاجهزة الامنية المعنية، وكأن شيئا لم يقع.
لنعترف بصراحة، حتى لو لم يظهر ذلك حراكا شعبيا في الشارع، فأن الأعصاب متوترة، والأجواء السياسية مُغْبَرّة إلى درجة تصيب بالعمى والغثيان، والبلاد فاقدة “حجابها” والكل بات لا يحتمل الآخر مهما كان حجم الاختلاف معه، حتى لو كان الخلاف في مصلحة البلاد، لكن، هل هذه هي الحياة السياسية الآمنة التي نطمح أن تقودنا إلى بر الأمان في مرحلة حرجة، و”بنت كلب” .
أسوأ ما في واقعنا أن لا احد من المسؤولين الكبار العقّال يخرج الى الناس ويتحدث ويجيب على الاسئلة المعلقة في أعصابهم، استبشرنا خيرا بالخبرة السياسية والوطنية والشعبية الكبيرة التي يتمتع بها نائب رئيس الوزراء الدكتور ممدوح العبادي، وهو خير من يتحدث الى الناس ويتلمس نبضهم المباشر، ويمتلك كاريزما مقنعة خاصة انه بعد كل هذه السنوات والمواقع التي شغلها لا يزال يسكن في بيت متواضع في ضاحية الرشيد.
في الاوقات الحرجة وقبل ان نصطدم بالحيط، نحتاج الى خطاب رسمي صادق يتكلم بلغة الناس ولهجتهم المحببة، ويكشف لنا بالضبط واقع حالنا ولماذا تضغط علينا الحكومة في قرارات رفع الاسعار وزيادة الضرائب، ولماذا لا نستطيع تنفيذ البدائل التي تتحدث عنها الاصوات المعارضة، وهل هي الترياق لمعالجة اوضاعنا الاقتصادية الصعبة.
هذا يفتح أيضا على الارتياح الزائد عن اللزوم الذي تظهره الحكومة ورجالاتها في تقويمهم للقرارات الاقتصادية وايضا للحراك الشعبي، ويشي بعقلية غير مرنة واهمة مثلما كان غيرها واهماً بأن ما يحدث في بلدان أخرى لا يمكن أن يحدث عندنا. لا يجوز اختلاف التقويم لحجم وقوة الاحتجاج الشعبي ومن يقف وراءه، بحيث ينعكس ذلك كردة فعل باردة ومتجاوزة لدرجات الاطمئنان التي ترى أن الحراك الشعبي دائماً تحت السيطرة، ولن يتجاوز المعايير الموضوعة للوصفة الأردنية لأي اعتصام أو مسيرة أو تجمّع.
لندقق جيداً.. لم يكن أحد – حتى الأكثر تفاؤلاً- يتوقع في لحظة ما أن يحدث ما حدث في جارتنا الشمالية، فلقد كان الأمن مطمئناً جداً، وسياطه طيلة أكثر من أربعين عاماً فعلت فعلها في عصب الشعب السوري، وبات مقتنعاً بأنه لا حول ولا قوة له أمام الوضع القائم، لكن ما نرى نتائجه بواقع الحال الان في شامنا العزيزة، يدفعنا إلى التفكير ساعات بأن الوضع جد خطير، وأننا فعلاً لسنا بعيدين عن فوهة العاصفة إذا لم نضع الإصلاح الحقيقي على السكة الصحيحة من دون مواربة أو تأخير.
خطر جداً أن تمارس الحكومة واذرعها المختلفة سياسة تقطيع الوقت في ملفات عديدة، وان لا تكون حاضرة في الازمات قبل ان تقع، وعليها أن تنحاز الى معيشة المواطنين وتحسينها، لأن الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك.
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

المدير التنفيذي للمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية يستقبل وفدًا من مؤسسة تنمية التجارة الخارجية الماليزية (MATRADE)

الأول نيوز – استقبل المدير التنفيذي للمؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية وفدًا من مؤسسة تنمية …