الجمعة , مارس 29 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

الثقافة والسيكولوجيا الجماهيرية.. منقذا اقتصاديا!

ماهر سلامة –

الأول نيوز –

من أهم التقارير التي تصل البيت الاْبيض كل صباح هو تقرير يومي سري يلخص الحالة السيكولوجية والمعنوية للشعب الاْمريكي، فأي خلل في هذا المؤشر يعني أن الشعب الاْمريكي لن ينهض من نومه للذهاب الى العمل، فتتوقف الدورة الاقتصادية، وتحدث الارتدادات العكسية على الحياة اليومية للمواطن الاْمريكي من تردٍ لنوعية وجودة الحياة، والعلاقات الاْسرية والمجتمعية التي تعزز روح الزمالة الاجتماعية بين أفراد الشعب، فالفريق الاْساسي في اللعبة الاقتصادية هو الشعب، الذي عليه أن يعمل بروح الفريق جزءًا أساسيا من ممارسة المواطنة اليومية على الاْرض.

طبعا لدى الولايات المتحدة أدواتها في إصلاح هذا الخلل الذي قد يودي بالبلد الى أوضاع صعبة، فأحد أهم الاْدوات هو الثقافة ومن ثم الإعلام. فلا يمكن أن تتوقف الحركة الثقافية والفنية والاْدبية عن انتاج الموسيقى والمسرح والكتب وغيرها، لذا لا يمكن لاْدوات الثقافة والإعلام وتصريحات أهل السياسة  إلا وأن يحصلوا على توجيهات وطنية لاستنهاض الحالة المعنوية للشعب، وإحداها طبعا التلويح بشن الحروب في محاولة لمخاطبة شريحة اجتماعية تؤمن بالتفوق القسري على البشر.

لسبب ما، ما باتت الثقافة في بلادنا في آخر أولويات أهل السياسة، فبالنسبة لكثير من أهل السياسة أن الثقافة والفنون هي للتسلية وليست وسيلة للتوعية والتثقيف ورفع الحالة المعنوية والوطنية للشعوب، وتعزيز روح الفريق لدى الشعوب لتتكرس حالة الزمالة الاجتماعية.

توسعت الهوة بين أفراد الشعب الواحد، فلم يعد الجار يعرف جاره، ولا أهل الريف يعرفون المدينة. كيف لا،  والاْعمال الفنية والتلفزية باتت تروج تجاريا في مناسبات رمضانية لاستثمار روحية هذا الشهر الفضيل ورفع نسب المشاهدة للتمكن من بيع الإعلان، المتحكم الاْول في تلفزتنا وإذاعتنا.

لقد نجحت الشعوب المتقدمة ثقافيا في الوصول الى النقطة الخضراء بعد أن كانت حمراء في ظرف وباء الكورونا. فبلد مثل إسبانيا وإيطاليا وحتى الصين أو بريطانيا باتت الآن طرقا أكثر أمانا، والاستعدادات للعودة الى الحياة الطبيعية باتت وشيكة فعلا بلا أي توجسات.

الثقافة المجتمعية وأدواتها تمكنت من معاونة الدولة والهيئات الصحية في الوصول الى تحقيق وممارسة أصول ومعايير مرنة للتباعد الجسماني، فقد كان التجاوب الشعبي ذكيا وواعيا وسريعا بلا فرض عقوبات تذكر، فالطاعة الطوعية تحققت بلا أدنى جهد ممكن، كما أن الحالة المعنوية للشعوب قد تمازجت من الحالة التي سادت قبل أزمة الكورونا.

نعم لقد انتصر الإنسان في هذه المعركة وليس الحكومات فقط، الثقافة هي وزارة سيادية في كل الدول المتقدمة، فمن مصلحة الدول المتقدمة الارتقاء بالثقافة والفنون كأداة دفاع توازي ترسانات الاْسلحة كلها…

هل تعلمنا الدرس؟!

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

التعليم والمجتمع…الاشتباك من المسافة صفر

الاول نيوز – محمد موسى المرقطن –   منذ مطالع القرن العشرين والتعليم بجميع مساراته …