الإثنين , أبريل 29 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

ألفة العشق والتناقض الاْخلاقي في ظل الحنين مسلسل 20/20

ماهر سلامة  –

الأول نيوز – النقيب سما أو “حياة” (الفنانة نادين نجيم) ذهبت الى تاجر الخضرة “صافي” (قصي خولي) متخفية وهي تنوي الانتقام لمقتل أخيها كون أخ صافي هو من قام بقتله، لكنها تفاجأت في ايجاد ماكان ينقص فطرتها الباحثة عن كهف الاْمان والدفىء والاحتضان، تفاجأت في أم صافي، وفي صافي، حيث أن أناس هذه البيئة الشعبية، في الغالب لا يتجملون، ولا يبذلون هذا الجهد ليكونوا ما ليسوا هُم سواء أحببنا ذلك أم لا.
في ظل هذه التناقضات التي تسود البيئات الشعبية، وجدت “حياة” القادمة من بيروت المُنَعمة ..نفسها على عتبة تحول، حيث سكنتها حياة جديدة لم تكن تعرفها، لكن كونها ضابطا في مكافحة المخدرات اجتهدت وثابرت لآداء دورها المهني كما يجب، حتى لو استعملت طرق لا أخلاقية في التخفي.
إلا أن هذه المخادعة التي اخترقت بها هذه البيئة وعالم صافي من خلال دورها كخادمة منازل، لم تنجو حياة من أن تصاب بحنين خفي، هي لم ولا تعرف لمن هذا الحنين أو لماذا؟! عادة هذه المشاعر المختلطة تفجر نقاط ضعف في الذات يكون الإنسان بعيد عنها، ويفاجأ بظرف ما وإذ هي بمواجهته وجه لوجه.
بين هذا الحنين غير المعروف لمين، كان صافي بكل تناقضاته، وإذ به أيضا يُداهَم بعواطف وحنين خفي أخطر، عواطف تدفعه ودفعته الى كهف يسكن به ويتأمل نفسه، كهف يجد فيه نفسه من جديد في عالم المتناقضات.
صافي عالمه مخدرات، لكنه لا يتعاطى هذا النوع من الهلوسة العاطفية، بل على العكس يوزع أموالها على المساكين. كانت هذه الهالة لصافي ظاهرة، هالة أثرت على حياة وأربكت مهماتها البوليسية، فسقطت في حبه بكل طواعية دون أسئلة مثل هل يناسبني؟ هل يشبهني؟ كيف ستنتهي هذه العلاقة؟ حتى نحن من شاهدنا هذا المسلسل أحببنا صافي وأحسسنا بصدقه.
في الحقيقة عاش الإثنين صافي وحياة “حالة” حب وليس علاقة حب، تماما كما عاشها المحاربون والمحاربات في الحروب.
في “حالات” الحب لا أحد يسأل ما النهايات، “الحالة”| غير العلاقة المدروسة القائمة على المسطرة والقلم. معظم قصص وروايات الحالات العاشقة لا تنتهي نهايات رائعة، لكنها رائعة دراميا، حيث تتباين في حدتها، وفي الغالب تنتهي “حالات” الحب نهايات إنسانية غير متوقعة، وتحفر في الذاكرة بعمق أبدي لا يزول.
كان من الصعب أن يسامح صافي حياة في خداعها له ولاْمه ولبيته، لكن “حالة” الحب التي هي ليست حباً عاديا أو كلاسيكيا، كانت حالة جارفة لاْنها تمتلك طاقة عميقة للبحث عن الذات والتسامح مع الآلام تشبه الولادة وإعادة الولادة، فنحن علينا أن نولد من جديد بكل حقبة زمنية لنتجدد، ففي ظل حالة الولادة هناك آمال وآلام للانتقال من أحشاء الاْم حيث الخلق الى أحشاء الحياة بكل تعقيداتها، فكل الآلام التي تسببت بها “حياة” ذابت في معمان الآمال والتسامح حد التضحية بالذات.
أرادت الكاتبة بالتعاون مع المخرج وكلاهما أبدع، إيصال رسالتهم لنا أنه عندما يصيبك حنين ولا تعرف لمين، فهو حنين لنفسك أولا وآخرا، لتكتشفها مرة أخرى، وتعيد ولادتها، “فحالة” الحب هي ثورة الحب تحدث في كل مكان وفي أي زمان، وأبطالها معروفين لكنهم يهابون الخوض في الحالات فتضيع فرصة تجدد وإعادة ولادة وتجدد. فحياة العسكرية لن تكون هي نفسها، بل ستكون صاحبة رسالة أسمى في حياتها القادمة. كان اسمها السري حياة، كان وعدا لهذا الصافي لكنه قرر الموت وأن يضحي ليحرر حياة.
الدراما السورية اللبنانية سجلت وما زالت تسجل إنجازات غير مسبوقة في عالم الدراما، انجازات اشتقنا إليها وافتقدناها، فالفكر والبحث والمحاولة والمثابرة وإعادة التأمل دائما ولادة، والولادة أخرجت لنا نجوم ومبدعين نفتخر بهم دائما. وبعضهم طبعا قصي خولي ونادين نجيم اللذان أبدعا بالإضافة الى وردة الحزينة (رولى بقسماتي)، ورسمية الرائعة (كارمن لبس بخبراتها المسرحية التي اضافت للعمل كثيرً).
وأخيراً وليس آخراً، لا تضيع فرصة لتتأمل فيه ذاتك من جديد، وتعيد اختراعها وابداعها لولادة جديدة مهما كانت النتائج.
ويا عفو الله.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

العثور على ممثل أمريكي ميتا في ظروف غامضة

الأول نيوز – عثرت السلطات في كانساس، يوم الجمعة 5 أبريل، على الممثل الأمريكي كول …