الجمعة , أبريل 19 2024 رئيس التحرير: أسامة الرنتيسي

حلم جميل

الخوري أنطوان الدويهيّ –

 

الأول نيوز – صحيتُ ذات صباحٍ من نومي، وفتحتُ الراديو فسمعتُ تصفيقًا حادًّا فترة طويلة. ظننتُ أنَّ هناك تشويشًا على المحطَّة، نقلتُ الموجة إلى محطَّة ثانية، وإذا بي أسمع التصفيق الحادّ ذاته. تركتُ المحطَّة ورحتُ أهيِّئ الفطور بذاتي. غريب لا أحد في المنزل. اليوم هو عيد الأعياد ولا بدَّ أن يكونَ جميع من في المنزل توجَّهوا إلى ساحة اللقاء. تركتُ الفطور وعدوتُ إلى ذلك المكان، لعلّي أعرف ماذا يحدث. الطريق المؤدّي إلى مكان اللقاء مكسوٌّ بالزهور الملوَّنة المرتَّبة بشكل رائع. أسرعتُ الخطى. وفجأة، تناهت إلى سمعي صيحات الفرح والمرح، والرقص والأهازيج، والموسيقى الرائعة تصدح عاليًا حاملة معها أفراح العيد.

وصلتُ إلى ساحة اللقاء، رحتُ أجول ناظريَّ في المشهد الرائع الذي أراه أمامي. رأيتُ في إحدى زوايا الساحة جماعات من الرجال من أحد الأديان السماويَّة الثلاثة تتعانق مع جماعات من ديانات أخرى مهنِّئين بالعيد. في زاوية أخرى، رأيتُ أطفالاً من جميع الأديان يلعبون معًا. وأخذتني الدهشة عندما ألقيتُ نظري إلى زاوية ثالثة، فها هي مجموعة كبيرة من النساء من شتَّى الأديان يتحلَّقن حول ثياب رائعة الجمال كلُّ واحدة تختار الفستان المناسب لها وتدخل إلى غرفة الملابس لتبدِّل ثيابها بذلك الفستان وتخرج وتنضمُّ إلى المجموعة الأكبر الموجودة في وسط الساحة وجميعهنَّ في ثياب شبه موحَّدة لا تعرف أن تميِّز بينهنَّ لا في الدين ولا في العرق ولا في الانتماء…

أتُرى أدرك هؤلاء الناس جميعًا أنَّ خالقهم واحد؟ أتُرى علموا أخيرًا أنَّ الديانات، كلَّ الديانات، ليست سوى وسائل تصل بنا إلى الله؟ وأنَّنا جميعًا صنعُ الله، خلقنا من فيض حبِّه، ويريدنا أن نعيش بسلام بعضنا مع بعض؟

واقتربتُ من أحد الباعة مذهولاً وسألتُه: ماذا يحدث؟ فأجابني: انتهت الحرب. فقلتُ له: أيُّ حرب؟ فقال: أنتَ تعرف أنَّ العالم كان يمرُّ بين فترة وأخرى بحرب ضروس لا تلبث أن تهدأ بعد فترة تطول أو تقصر حسب اتِّفاقات الدول الكبرى. أمّا الحرب الذي أُخبرك عنها كانت حربًا دائمة بدأت منذ بدء التكوين، ولكن، بقدرة الله، انتهت الآن. فازددتُ حيرة وقلت: ماذا تقصد؟ فأجاب: دعا رؤساء الدول العظمى إلى اجتماع يضمُّ رؤساء دول العالم كلِّه وأجروا جميعًا فحصًا للحمض النوويّ فتبيَّن أنَّ جميعهم ينتمون إلى أصل واحد، فقعدوا وتشاوروا وبعد حوار بنَّاء بينهم، توصَّلوا إلى اتِّفاق لا رجوع فيه: لا حرب بعد اليوم، فنحن جميعًا إخوة بعضنا لبعض، ولنا أصل واحد. ويجب أن نتقاسم الخبز بعضنا مع بعض، فبعد اليوم لا عبد ولا حرّ، لا فقير ولا غنيّ، لا جائع ولا متخم… ألم تسمع الراديو؟

فقلتُ له مجدَّدًا: لم أسمع عبر الراديو سوى التصفيق. فأجابني: فعلاً، ما إن أُعلن قرار رؤساء الدول حتَّى انطلق التصفيق في كلِّ العالم وفي أماكن كثيرة جعلوا من التصفيق مصدر عدوى ينقل الفرح إلى جميع الناس.

غمرني فرح لا يوصف. أيُعقل ما أسمع؟ أتُراني في حلم أم في حقيقة؟ أخيرًا توصَّلت البشريَّة إلى اتِّفاق يريح الجميع من المشاكل والاضطرابات والحروب والخوف على المصير.

وفجأة، سمعتُ صراخ زوجتي وهي تصفعني على خدّي: ما زلتَ نائمًا؟ هيَّا قمْ، حان موعد عملك.

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

التيار الديمقراطي البرتقالي والمشروع الوطني للتغيير

الأول نيوز – د  محمد العزة يعد تاريخ صدور الارادة الملكية السامية بتشكيل اللجنة الملكية …