على حافة الهاوية… هل تنجح مفاوضات إيران وأمريكا النووية في تجنب الكارثة؟

الاول نيوز – أيمن سلامة

على الرغم من التعقيدات والعقبات، تظل المفاوضات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة حول برنامجها النووي تحمل في طياتها بعض الآفاق الإيجابية المحتملة.

يمثل هذا الأفق الهدف الأسمى لأي مفاوضات. يمكن لاتفاق مُحكم أن يضمن سلمية البرنامج النووي الإيراني بشكل قابل للتحقق، ويقلل من مخاطر الانتشار النووي في المنطقة. هذا الاتفاق يمكن أن يشمل قيوداً واضحة على أنشطة إيران النووية، وبروتوكولات تفتيش صارمة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مقابل رفع تدريجي ومُتحقق منه للعقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران.

تجدر الإشارة إلى أن نجاح المفاوضات يمكن أن يبعث برسالة إيجابية إلى المنطقة، ويساهم في خفض التصعيد بين إيران وخصومها الإقليميين، الذين غالباً ما ينظرون إلى برنامجها النووي بعين الريبة والقلق. قد يفتح ذلك الباب أمام حوارات إقليمية أوسع لمعالجة القضايا الأمنية المشتركة.

ومما له دلالة في هذا السياق أن رفع العقوبات عن إيران يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للاقتصاد الإيراني، ويسمح لها بالاستفادة من مواردها الطبيعية والمشاركة بشكل أكبر في التجارة والاستثمار الدوليين. هذا بدوره يمكن أن يخلق مناخاً أكثر استقراراً في المنطقة.

يمثل التوصل إلى حل بشأن الملف النووي الإيراني نافذة محتملة لتعاون أوسع بين طهران وواشنطن. فبالرغم من سنوات العداء والشكوك المتبادلة، توجد قضايا إقليمية ودولية تتطلب تضافر الجهود. مكافحة الإرهاب، على سبيل المثال، تمثل تحدياً مشتركاً يتطلب تنسيقاً استخباراتياً وعسكرياً. كذلك، تحقيق الاستقرار في مناطق مضطربة مثل العراق وأفغانستان وسوريا يصب في مصلحة الطرفين على المدى الطويل، ويمكن أن يخفف من حدة التوترات الإقليمية.

إلا أن تفعيل هذا التعاون المحتمل يظل مرهوناً ببناء الثقة وتجاوز الإرث الثقيل من الخلافات. نجاح المفاوضات النووية يمكن أن يكون بمثابة خطوة أولى حذرة نحو استكشاف مجالات التعاون الممكنة، مع الحفاظ على الحذر والتركيز على المصالح المشتركة المحددة. يبقى هذا الاحتمال قائماً، وإن كان يتطلب إرادة سياسية ورؤية استراتيجية من كلا الطرفين.

في المقابل، يحمل فشل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في طياته مخاطر جسيمة على استقرار منطقة الشرق الأوسط الهشة أصلاً. فبدون مسار دبلوماسي واضح، تتصاعد احتمالات لجوء الأطراف المعنية إلى خيارات أكثر خطورة، بما في ذلك التهديدات العسكرية المتبادلة أو حتى نشوب صراع مسلح مباشر أو بالوكالة.

على الرغم من أن كلاً من طهران وواشنطن تعلنان، على الأقل في الخطاب الرسمي، عن رغبتهما في تجنب الحرب، إلا أن ديناميكيات التصعيد وسوء التقدير يمكن أن تدفع المنطقة نحو هذا السيناريو الكارثي. سباق التسلح المحتمل، وتزايد التوترات الإقليمية، وإمكانية قيام أطراف ثالثة باستغلال الفراغ الناتج عن فشل الدبلوماسية، كلها عوامل تزيد من حدة هذا الخطر. لذا، فإن إدراك هذه المخاطر يجب أن يكون حافزاً قوياً للطرفين لبذل قصارى جهدهما لإنجاح العملية التفاوضية وتجنيب المنطقة عواقب وخيمة.

لا يمكن إغفال حقيقية أن المفاوضات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة تواجه تحديات جمة ومعقدة، تجعل التوصل إلى اتفاق أمراً صعباً للغاية، فلقد شكلت عقود طويلة من العداوة والشكوك المتبادلة خلقت فجوة عميقة من عدم الثقة بين صانعي القرار في البلدين. كل طرف ينظر إلى الآخر بعين الريبة، ويتخوف من نواياه الحقيقية.

أيضا شكّل انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في عام 2018 وإعادة فرض العقوبات، ورد إيران بتوسيع برنامجها النووي، تركا إرثاً من الخلافات حول كيفية إحياء الاتفاق أو التوصل إلى اتفاق جديد. تصر إيران على ضمانات قوية بعدم تكرار الانسحاب الأمريكي، بينما تطلب الولايات المتحدة قيوداً أكثر شمولاً ودائمة على البرنامج النووي الإيراني.

في ظل هذ المعطيات، تمثل مواقف دول المنطقةخاصة حلفاء الولايات المتحدة وخصوم إيران عاملاً مؤثراً في المفاوضات. مخاوف هذه الدول بشأن طموحات إيران النووية والإقليمية يمكن أن تعقد جهود التوصل إلى اتفاق.

يواجه المفاوضون ضغوطاً داخلية كبيرة من المتشددين والمعارضين لأي تسوية مع الطرف الآخر. يمكن للتغيرات السياسية الداخلية في واشنطن أو طهران أن تؤثر بشكل كبير على مسار المفاوضات.

تصر الولايات المتحدة على ربط المفاوضات النووية بقضايا أخرى تثير قلقها، مثل برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني ودورها الإقليمي، في حين ترفض إيران وشريكتها روسيا الفيدرالية بشدة ربط هذه القضايا بالملف النووي، وتعتبرها شأناً سيادياً.

ختاماً، إن المفاوضات الثنائية بين إيران والولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني تقف على مفترق طرق. تحمل في طياتها إمكانية تحقيق إنجاز تاريخي يساهم في الاستقرار الإقليمي والعالمي، لكنها تواجه أيضاً تحديات هائلة تهدد بفشلها ودفع المنطقة نحو مزيد من التصعيد. يتطلب النجاح في هذه المفاوضات إرادة سياسية حقيقية من كلا الطرفين، وتقديم تنازلات متبادلة، والتركيز على المصالح المشتركة المتمثلة في منع الانتشار النووي وتجنب الصراع. يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كانت القيادة في كلا البلدين قادرة على تجاوز العقبات واغتنام الفرصة المتاحة.

عن Alaa

شاهد أيضاً

الفلسطينيون والكرد والجزائريون والفيتناميون والأوروبيون !!

محمد داودية – الأول نيوز – تحل اليوم ذكرى نكبة العرب في فلسطين التي نستذكر …