الأول نيوز – صلاح ابو هنود
مخرج وكاتب
في التاسع والعشرين من تشرين الثاني، يُرفع شعار «التضامن مع الشعب الفلسطيني»، كما لو أن العالم يحتاج إلى يوم واحد ليذكر نفسه بوجود فلسطين.
لكن الشعارات لا تُحرّر أرضًا، والخُطب لا تردّ قتيلًا، والبيانات لا تمنع تهجيرًا أو تجويعًا.
في هذا اليوم نتلو الديمقراطية بلغة أنيقة ونؤكد على «حقوق الإنسان»، لكن في اليوم التالي نعود إلى الصمت المُرتّب، إلى التواطؤ الغربي – إن لم نقل «شراكة» – مع الاحتلال.
هكذا يتحول يوم التضامن إلى طقس دولي مريح لأرواح المراقبين، أكثر منه التزامًا فعليًا لإنصاف شعب يعيش مأساة لا تنتهي.
الفلسفة تقول: إذا كان الصمت مُفعَّلاً، فهو موقف.
والقانون الدولي والعدالة تقول: الاحتلال باطل.
لكن حين يغرق العالم في ترديد الكلمات الجميلة، ويعود إليه بعدها لينهض على أقدامه كما لو لم يحدث شيء — تصبح الكلمات خديعة.
اليوم يُضرَب موعد علني مع الضمير.
لكن ما يُنتظر من هذا «التضامن» ليس مجرد تزيين العواصم ببيانات.
بل أن يُترجم إلى:
رفع الحصار عن غزة — لا هدنة تُرحَّل فيها الكارثة في كل مرة.
مساءلة واضحة للسلطات الاحتلالية — لا تهدئة ثم نسيان.
اعتراف لا يساوم بحق الشعب الفلسطيني في الحرية، الدولة، والكرامة — لا مساومات دبلوماسية تحت غطاء «حل سياسي».
الفلسطيني لا يطلب منا أن نقف مع قضيته يومًا واحدًا.
يطالبنا أن نحمل الضمير كل يوم.
أن ندافع عن إنسانه بدمائنا أولًا قبل أقلامنا.
فإذا كان «يوم التضامن» تحوّل إلى مناسبة طقوسية،
فليكن في القلب يوم تضامن دائم.
ولن يقف الضوء على فلسطين فقط في التقويم —
بل في كل معادلة للعالم تُقاس فيها الإنسانية بإنصاف الضحية لا برضا المحتل.