مقالات مشابهة
الأول نيوز – قد تكون اعتبارات لها علاقة بانتخابات داخلية وقد لا تكون..عضو البرلمان الأردني المخضرم وخبير التشريع والوزير السابق عبد الكريم الدغمي يستثمر في لحظة الجدل السياسي الشعبي ويتحدث عن ما اسماه بـ» الشبح الخفي» العابر للحكومة معتبرًا بالرغم من التأكيدات والتوضيحات الرسمية بان الخوف على اموال مؤسسة عملاقة من وزن الضمان الاجتماعي هو من ذلك الشبح.
قبل الحديث عن اشباح هجم الدغمي بشراسة على نائب رئيس الوزراء جمال الصرايرة واقترب من مطالبته بمغادرة قبة البرلمان وبيت الشعب بعدما تبادل الأخير الصراخ مع النائب يحيي السعود. وبدا للمراقبين هنا من خبراء اللعبة البرلمانية ان ردة فعل الدغمي ضد الصرايرة لمناصرة نائب لا تربطه به اصلاً علاقات وثيقة خطوة ضمن النمط التسويقي الانتخابي.
ثمة اعلان عملياً عن طموح الدغمي وتجهيزه للمنافسة في انتخابات رئاسة مجلس النواب المقبلة في توطئة مباشرة تهدد الموقع الذي يسترخي ويستمتع به لعامين رئيس المجلس الحالي عاطف الطراونة.
الدغمي وهو مشرع بارز وبرلماني شرس أكثر من التداخل والتعليق مؤخراً.. تلك اشارة سلبية من ركن برلماني مقلق بالنسبة لحكومة هشة اصلاً. وبدا للمراقبين بان الدغمي يوجه رسائل وهو يتبنى موجة هواجس الشارع الخاصة بأموال مؤسسة الضمان الاجتماعي وهي اموال البسطاء الأردنيين التي تشكل رواتبهم التقاعدية من عمال وموظفين والتي يثور حولها منذ شهر تقريباً جدل عنيف.
يطور الدغمي هنا هجمته في جلسة امس الثلاثاء عندما يتحدث عن شبح خفي في رسالة جديدة تماماً وبلغة غير مسبوقة يهدد اموال الضمان الاجتماعي. الرجل قال: الشبح الخفي الذي يعرفه الجميع اقوى من الحكومة وعوائد الاستثمار الرقمية لأموال الضمان الاجتماعي ملعوب بها.
كلام لا يمكن إلا الوقوف عنده وأغلب التقدير السياسي انه له علاقة باستعادة زمام المبادرة على امل وراثة الكرسي الذي يستأثر به الرئيس الطراونة وهو يحيط نفسه بما يمكن وصفه بالسعي إلى دور اقليمي حيث يكثر الحديث عن محور المقاومة والممانعة وعن مصالحة مع النظام السوري ويبادر ويناور مع مسألتين: الصراع مع إسرائيل والقدس ويتصدر تمرير تبني الوصاية الهاشمية في بيانات الاتحادات البرلمانية العربية والدولية.
وعليه يمكن توقع تصعيد في لغة الصراع بين مراكز قوى داخل البرلمان ستساهم على الارجح في المزيد من نهش حكومة الرئيس هاني الملقي التي تواجه بدورها مطبات وزارية وبيروقراطية اهمها ضعف ثقة الشارع بها وبروز ما يمكن وصفه مبكراً بملامح صراع نفوذ داخلها وتحديداً في جبهة نائبي الرئيس الصرايرة والنافذ بقوة الدكتور جعفر حسان المسؤول الاهم في الحكومة وقيادة القرار الاقتـصادي.
والذي لا يوجد ما يمنعه مع الصرايرة من التخطيط لطموحات مشروعة مثل تولي رئاسة الحكومة المقبلة اذا ما تقرر خروج الرئيس هاني الملقي من المعادلة. الملقي بدوره يشعر بان المياه تتحرك سياسياً وبرلمانياً تحت اقدام تجربته، الامر الذي دفعه إلى جملة ملغزة بنفس التنميط الذي رافق جملة الشبح الخفي عند الدغمي حينما وصف الحديث عن مرضه ووضعه الصحي بانه اصبح مسلسلاً مثل باب الحارة.
الدغمي يعترض هنا على الجدل الشعبي المتعلق بمتابعة وضعه الصحي ومرضه. مداخلة الرجل العلنية امام النواب في السياق لها باطن غير علني لأنها ببساطة تتجاوز مسالتين شكليتين في النقاش حول الوضع الصحي لرئيس الوزراء. الأولى هي ان الحديث عن مرض الرئيس وغيابه واجازاته الصحية يرتبط بالنخبة وليس بالشارع فالشارع يهتف لإسقاط حكومة الملقي بصرف النظر عن وضعه الصحي وقبل الاعلان عن العارض المرضي الأخير الذي تعرض له. اما التسالي السياسية الدرامية في الموضوع فهي محط تداول في صالونات النخب وبين اوساط الوزراء والنواب.
المسألة الثانية التي تتجاهلها استعارة مسلسل باب الحارة عند الرئيس الملقي هي الحقيقة التي تقول أن مرضه أصلا لم يكن خبرًا إعلاميًا الا بعدما اعلن عنه هو شخصياً وبعدما صدرت بيانات من الحكومة تتحدث عن هذا المرض من بينها تلك التي تطوع بها وزير الصحة محمود الشياب الذي يوصف أنه قد يكون وزير الخدمات الأكثر دوامًا في مقر رئاسة الوزراء والأكثر رغبة بالبقاء في مقر الرئاسة أكثر من الوزارة وذلك طبعاً ضمن مقتضيات الاقتراب والبقاء المألوفة وسط الوزراء.
بمعنى اخر ما يريد الملقي قوله وهو يتحدث عن مسلسل باب الحارة ويربطه بالجدل حول مرضه وغيابه انه موجود وباق في موقعه ويمارس كل مهامه وبالتالي لا مبرر داخل فريقه للتنافس على خلافته ولا خارج الحكومة لوراثتها او التأطير لتغييرها.
تلك رسالة موازية على مستوى مراكز القوة داخل الدولة يوجهها رئيس الوزراء لعدة جهات ليس من بينها المواطنون الأردنيون الذين يطالبون اليوم في حالة تجمع العشرات منهم وفي بعض البؤر الملتهبة حراكيا برحيل الحكومة والبرلمان معا. وحالة الاستقطاب والتجاذب يمكن اشتمام رائحتها وعودتها داخل الطاقم الذي يدير الامور الآن في السلطتين التنفيذية والتشريعية.(القدس العربي- بسام بدارين)
