“الكوارث تفضح القلوب: الإنسانية أولًا فوق الخلافات السياسية”

د. مارغو حداد – الأول نيوز –

 

في كل مرة تهتز الأرض في مكان ما على هذا الكوكب، وفي كل مرة تثور الطبيعة لتذكرنا بضعفنا، يُفترض أن توقظ الكارثة ما بقي من إنسانيتنا. لكن ما الذي يحدث؟ كيف أصبح البعض يستغل هذه اللحظات المأساوية لتصفية حسابات سياسية أو شخصية؟

في لوس أنجلوس، كاليفورنيا، حيث تضرب الكوارث، تتصاعد أصوات تحمل حقدًا لا يصدق. تعليقات تتمنى الدمار، الموت للأطفال، البكاء للنساء. كيف يمكن أن يصل الإنسان إلى هذا المستوى من القسوة؟

نعم، نحن قد نختلف مع حكومات العالم، قد نعارض سياساتها، وقد نقف ضد قراراتها. لكن متى أصبح الخلاف السياسي مبررًا للحقد على الشعوب؟ كيف يمكن أن تتحول الضحية إلى عدو في نظرنا فقط لأنها تعيش على أرض لا نتفق مع نظامها؟

أنا واحدة منكم، لكن لديّ أخت في أمريكا. أطفالها هم جزء من دمي، لدي أبناء خال وأقارب، ونصف عائلتنا تقريبًا هناك حياتهم هي امتداد لحياتي. هل يمكن أن يقبل أي إنسان أن تُلقى عليهم تمنيات الشر والخراب؟ هل نسي هؤلاء أن في كل بلد، مهما كان بعيدًا، هناك أهل وأصدقاء وأحباء يعيشون حياتهم ويحلمون مثلنا بالسلام؟

في الوطن العربي، حين ضربتنا الكوارث، لم نسأل العالم إن كان يتفق معنا سياسيًا. كنا نتمنى يدًا تمتد، قلبًا يحنو، وعينًا تبكي معنا. لم نكن نطلب غير إنسانيتهم. كيف إذن نسمح لأنفسنا أن ننزع إنسانيتنا الآن، ونحوّل المأساة إلى فرصة للكراهية؟

الأديان، في مسارها الإنساني، نادت بالرحمة، وحذرت من الشماتة في ملمات الآخرين، فالمصاب ليس لحظة هوان، بل دعوة للتعاطف والتضامن.

التعليقات المسيئة التي تتمنى الدمار لأطفال ونساء لوس أنجلوس هي جرح في ضميرنا، وليست انعكاسًا حقيقيًا لمن نكون. نحن من بكى على أطفال غزة وسوريا، من أطفأ الحرائق في لبنان، ومن رفع يده بالدعاء لكل منكوب. نحن من يعرف أن الألم لا يفرق بين طفل وطفل، وأن الإنسانية لا تقف عند حدود السياسة.

يا من تتمنون الشر للآخرين، تذكروا أن الحقد لا يبني أمة، ولا يحمي شعبًا. وتذكروا أن ما تتمنونه للآخرين سيعود يومًا عليكم. إذا كنا لا نستطيع أن نتمنى الخير، فلنصمت، لأن الصمت أكثر احترامًا من كلمات تنزف كراهية.

أما نحن، الذين نؤمن بالإنسانية، سنظل نرفع رؤوسنا برحمة قلوبنا. لن نختلف مع الشعوب مهما اختلفنا مع حكوماتهم. وسنظل نؤمن أن الأطفال أطفال العالم كله، والنساء هن أمهاتهم جميعًا والرجال آباؤهم جميعًا.، وأن الكوارث هي تذكير بأن الأرض تتألم حين نتخلى عن إنسانيتنا.

عن Alaa

شاهد أيضاً

شبكات الأمان الأردنية العشر !!

محمد داودية – الأول نيوز – يلبي الملك عبد الله الثاني بعد ساعات، دعوة الرئيس …