في يوم الأرض باعوا القدس

أسامة الرنتيسي
 
يحيي الفلسطينيون وأنصارهم من العرب يوم الأرض، الذي تعود أحداثه لـ 30 آذار (مارس) 1976، بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي الجليل.
وعلى إثر هذا المخطط قررت الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني إعلان الإضراب الشامل، متحدية لأول مرة بعد احتلال فلسطين عام 1948 السلطات الإسرائيلية.
فجاء الرد الإسرائيلي عسكريًا شديدًا، إذ دخلت قوات معززة من الجيش، مدعومة بالدبابات والمجنزرات القرى الفلسطينية، وأعادت احتلالها، وسقط يومها 16 شهيدًا وعشرات الجرحى بين صفوف المدنيين العزل.
على وقع المُعجزة التي أطلقها ذات لحظة إبداع الشاعر الذي لا يموت محمود درويش، “على هذه الأرض ما يستحق الحياة” أحيا الفلسطينيون يوم الأرض، لا تكريسًا للذكرى، بل رسالة إلى كل واهمٍ أن الأرض يُمكن أن تتبدّل يومًا ما.
تمر ذكرى يوم الأرض، وقد انتهت قمة البحر الميت، التي أكدت  رفض الخطوات والإجراءات  جميعها التي تتخذها إسرائيل لتغيير الوضع القانوني والتاريخي في المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وطالبت دول العالم بعدم نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
قبل سنوات انتهت “قمة صمود القدس” في سِرْت أيام الزعيم الليبي المخلوع، التي قدّم فيها العرب نصف مليار دولار دعمًا للقدس وتعريبها، في حين أنفقت إسرائيل ما لا يقل عن 14 مليار دولار على مدار العشرين سنة الماضية لتهويد القدس!
إن تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، وفي القدس تحديدًا، يحتاج من العالمين العربي والإسلامي إلى أكثر مما قدموا وأنفقوا بكثير.
القدس بحاجة لتعزيز صمود أهلها، ودعم المؤسسات الخدمية والتعليمية والصحية وتعمير البيوت، ويجب ألا يبقى دعم صمود القدس شعارًا غير مطبّق على الأرض.
تحت سقف “السلام خيار استراتيجي”، لم تعد الشعوب والدول العربية، أمام ترف “الاستمرار في مربع الانتظار “.
نحن أمامنا خياران لا ثالث لهما: إمّا النهوض الجديد؛ لتجاوز حالة التقهقر والتراجع، وإمّا مزيدًا من تهويد القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، كما شروط حكومة نتنياهو – الأكثر تطرفًا.
القدس تحتاج إلى موازنة جديدة، للإعمار والإسكان والاستثمار، في مواجهة التهويد والاستعمار الاستيطاني، وحماية عروبة القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وتعزيز صمود أبناء القدس في أرض القدس.
القدس والحالة الفلسطينية، تحتاجان إلى إنهاء أي تدخلات عربية سلبية في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وما يترتب عليها من تعميق وتمويل للانقسام.
إن أخطر ما في الهجمة الإسرائيلية الحالية بتوسيع الاستيطان والتهويد  هو استهداف الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس، لتحويلها إلى مشروعات  مستوطنات يهودية.
في السياسي العميق، لا يمكن فصل استراتيجية نهب الأراضي الفلسطينية  وإفراغ المدن والتجمعات العربية من سكانها، عن ترسيخ الطابع اليهودي العنصري لإسرائيل، وفي السّياق المطلب الإسرائيلي، بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، الذي باركه الرئيس الامريكي السابق باراك أوباما في زيارته الأخيرة، وباركه ترامب عندما استقبل نتنياهو في واشنطن.
تكشف إحصائية مؤلمة، عن أنه لم يتبق للفلسطينيين في إسرائيل سوى ملكية نحو 5 % من الأراضي. في مواجهة هذا الواقع، والموقف العربي الباهت لحماية القدس، على الفلسطينيين أن يتخلصوا من مجموعة الذرائع التي تُطلق  هنا وهناك، في محاولة لتسويغ إدامة الانقسام أو طرح اقتراحات تحت مسمى مساعي استعادة الوحدة، وهي في حقيقتها لا تزيد عن كونها ترسيمًا لنتائج الانقسام، بما يجعل الحالة الفلسطينية في مجملها تتكئ على حقل ألغام يمكن أن تنفجر نتيجةأي احتكاك إعلامي أو سياسي.
في يوم الارض لا تبيعوا القدس، يكفيها ما يفعل بها الصهاينة من تهويد، وصدق الشاعر الكبير مظفر النواب عندما قال يوما:
القدس عروس عروبتكم
فلماذا ادخلتم كل زنات الليل  الى حجرتها…..
 
 
 

عن الأول نيوز

شاهد أيضاً

مهرجان جرش يحيي روح درويش بندوة ثقافية لامست اوجاع غزة

النجار: عندما رحل درويش لم ترحل القصيدة بولص: تربطني بدرويش صداقه ومواقف ما بين عمان …