مَنْ لا يَملِكُ رأسًا، لا يحتاجُ إلى قُبَّعة

الأول نيوز  – الدكتور محمود المساد –

إن وجود الرأس يعني بلا شك وجود العقل الذي تراكمت المعرفة به بما تشتمل عليه من خبرات،ومهارات، واتجاهات، وقيم، غالبا ما قادت صاحبها لقرارات حكيمة، وأشعرته برجولة وقبول واعتزاز، بدرجات متفاوتة من شخص لآخر، وحال غياب الرأس فقد الشخص طوعا أو المجموعة العقل والرجولة والاحترامات التفضل عليها العار والخنوع وماء الوجه؛ مع إيهام الآخرين بأنه يفضّل الموت السريريّ إلى حين.
وللتوضيح فإن هذه المصطلحات الاجتماعية مثل” ماء الوجه ” تدل على حالة الفرد أو المجتمع الانفعالية، و درجة إحساسه بقيمة الرفعة والاتساق مع قيم المجتمع الإيجابية التي هو عليها،حيث وفقاً لهذه الدرجة ينتزع من الآخر فرداً كان أو مجتمع، الاحترام والتبجيل أو عكس ذلك.
وفي تقاليد بعض المجتمعات وعاداتهم،فإن تعبير «حفظ ماء الوجه» يعني القيام بعمل ما لتصحيح خطأ أصاب الشخص أو المجتمع في شرفه أو في منزلته الاجتماعية.
كما تدل قيمة” العار ” على أنها حالة الفرد أو المجتمع الانفعالية التي يشعر معها بالخزي أو الإحراج الشديد بسبب فعل أو صفة معينة يعتبرها المجتمع أو الشخص نفسه سلبية أو غير مقبولة. إنه شعور بالدونية والضعف، غالبًا ما يرتبط بفقدان الاحترام الذاتي أو احترام الآخرين، وقد يؤدي إلى الانسحاب الاجتماعي، أو محاولة إخفاء الفعل أو الصفة المسببة للعار.
وحقيقة أنا أغرق يومياً في المراجعة الفكرية لهذه المفاهيم،وأتحسس حالتي الانفعالية التعيسة، وأستمع لحالة الآخرين في مجتمعي،وأتعجب من حالة التشابه المفزعة. عندها تذكرت مضامين الآية الكريمة،
“حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ” صدق الله العظيم. حينها أدركت ماذا علينا أن نفعل….”وليس هناك بمقدورنا غير ذلك، فنحن في حالة “الموت السريري”!!! وعندها أيقنت وقلت بصوت خافت من أعماق قلبي ..الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
لا تلوموني أيا أصدقائي ، فوالله أنني أشعر بالخجل وأنا أتحدث عن نفسي لنفسي ،وأتوارى عن الناس لكي لا يفضحني بوحي،وبتُّ أميل لوحدتي وهمي، مع يقيني أن كل الصادقين يشعرون ويختلون مع أنفسهم مثلي.لكن أيها الصحب دعونا نعتذر من مجتمع النمل الذي احتمى من جنود سليمان عليه السلام، مع رقة أولئك الجنود الذين قد يدوسون النمل دون أن يشعروا،فكيف بنا ونحن من يداسون بالبساطير التي تؤلم رقابنا، وتسد أفواهنا وأنوفنا، دون أن ننبس ببنت شفه. نحن حقا نستحق الشفقة!!!
أيها السادة والسيدات؛مَنْ لا يَملِكُ رأسًا، لا يحتاجُ إلى قُبَّعة.

عن Alaa

شاهد أيضاً

تهويد الريف الفلسطيني: ما بعد العنف

الأول نيوز – ثائر ابو عياش –   منذ السابع من أكتوبر 2023، لم يقتصر …