أسامة الرنتيسي
المؤشر السلبي الأول الذي يُسجَّل على كل مَن يُطالب بالعفو العام أنه شخصيًا غيرُ مؤمنٍ بسيادة القانون ودولة القانون، إنما بمعالجة المشكلات على قاعدة بوس اللّحى.
والمؤشر الثاني هو أن العفو العام مثلما قال الزميل جهاد المومني: “يعني انتهاك حقوق ضحايا اللصوص والنصّابين وأصحاب السوابق والمجانين من مجرمي الطرق ….ولا للعفو العام ومن يطالب به يلهث وراء شعبية خطيرة …”
بالمعلومات، ومِن لحظة تداول أخبار المذكرة النيابية التي وقّعها (73) نائبًا هناك تَردّدٌ في دفع المخالفات والغرامات من قبل المواطنين إلى مؤسسات الدولة عمومًا، بانتظار إصدار عفو عام كما يُشاع ويُطالب بذلك النّواب.
لكن؛ بالمعلومات أيضًا، الرسمية والقضائية، لا يوجد حماس من الدولة لإصدار عفو عام في هذه الأيام، وما يتردّد ما هو إلّا محاولات ضغط من قبل مستفيدين من العفو العام.
حسب الإحصاءات الرسمية تصل تكلفة نزلاء مراكز الإصلاح إلى (50) مليون دينار سنويًا، تُنفق على أكثر من (8) آلاف نزيل، هو المعدل اليومي لعدد النزلاء “موقوفين ومحكومين” على الأقل، في الوقت الذي تصل فيه تكلفة النزيل الواحد إلى نحو (16.5) دينار يوميًا، وفق دراسة اقتصادية أعدتها إدارة مراكز الإصلاح.
مِن الأمور الجيدة التي تُسجّل للحكم في المملكة الرابعة، الابتعاد عن إصدار العفو العام الذي كان في مراحل مُعيّنة شبه سنوي، والآن لا يصدر إلّا بقانون، وفي إضيق الحالات.
نعرف أن صدور العفو العام يستفيد منه آلاف المحكومين والموقوفين والمطلوبين والماثلين للمحاكمات في مخالفات وجنح وجرائم مختلفة، لكن بعض القانونيين يرون أن هناك مضارًا أخرى للعفو تعادل إيجابياته وأكثر.
قيل الكثير عن سلبيات العفو، كما عن إيجابياته، ونعرف أن العفو يأتي ضمن سياسة التهدئة والمقاربة بين الحكم والشعب، وتنفيس جانب من الاحتقان العام ، بسبب الأحوال المعيشية الصعبة.
يقول المتحمّسون للعفو: إن البلاد لن يُضيرها إذا شمل أي عفوٍ شخصًا فاسدًا محكومًا أو فاسدًا لا يزال طليقًا، فالفاسدون كثيرون، ومنذ عشرات السنين، ونحن نتحدث عن الفساد، ولا نرى فاسدين يحاكمون، وعندما تُزكم رائحة فساد أحدهم الأنوف، يخرج من يدافع عنه، بحجة أعطونا دليلًا، وكأن الفاسد غبي ليترك دليلًا وراءه.
كما يقول المتحمسون للعفو: تحتاج البلاد إلى قرارات تبعث الطمأنينة والراحة في قلوب الاردنيين الذين اقتنعوا، أو للدّقة تناسوا أن هناك شيئًا في الدنيا اسمه زيادات على الرواتب، ترافق الارتفاعات المستمرة في تكاليف المعيشة، فلا ضَير من بث نسمات الفرح والأمل لدى أسر أردنية تعاني كثيرًا من وجود أبنائها في السجون على خلفية قضايا مالية سببها الرئيس تدهور الأوضاع الاقتصادية العامة في البلاد، ومساعدة الأردنيين في الغاء المخالفات والغرامات المترتبة عليهم، التي يشملها عادة العفو العام.
لكن ورغم كل ذلك، لا للعفو العام..نعم لسيادة القانون.
الوسوماسامة الرنتيسي الأول الاردن مقالات
شاهد أيضاً
مهرجان جرش يحيي روح درويش بندوة ثقافية لامست اوجاع غزة
النجار: عندما رحل درويش لم ترحل القصيدة بولص: تربطني بدرويش صداقه ومواقف ما بين عمان …